لي: ما لقيتُ من النَّاسِ؟ يَزْعُمونَ أنِّي الدَّجَّالُ، أَلَسْتَ سَمِعْتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: إِنَّهُ لا يُولَدُ لهُ؟ وقدْ وُلِدَ لي، أوَ ليسَ قدْ قالَ: هو كافِرٌ؟ وأنا مُسْلِمٌ، أَوَلَيْسَ قدْ قالَ: لا يَدْخلُ المدينةَ ولا مَكَّةَ؟ وقدْ أَقْبَلْتُ منَ المدينةِ وأنا أُريدُ مَكَّةَ، ثمّ قال لي في آخِر قولهِ: أَمَا والله إنَّي لأَعْلَمُ مَوْلِدَهُ ومكانَهُ وأيْنَ هوَ، وأعرفُ أباهُ وأُمَّهُ، قال: فَلَبَسَنِي، قال: قلتُ لهُ: تبًّا لكَ سائِرَ اليَوْمِ. قال، وقيلَ لَهُ: أَيَسُرُّكَ أنَّكَ ذاكَ الرَّجُلُ؟ قال: فقالَ: لوْ عُرِضَ عليَّ ما كَرِهْتُ.

قوله: "ما لقيتُ من الناس؟ ": (ما) في (ما لقيت) استفهامٌ بمعنى الإنكار، منصوب تقديره: أيَّ شيءٍ لقيت؟ و (من) في (من الناس) بيان موضع اللقيان؛ أي: اللقيانُ صَدَرَ من الناس لا من غيرهم، أو لابتداء الغاية؛ يعني: ابتداء اللقاء من الناس، ولم يُخبر عن المنتهى؛ يعني: اقتصر على اللقيان منهم دون غيرهم.

قوله: "لأعلم مولده ومكانه وأين هو": (لأعلم)؛ أي: لأعرف.

(مولده)؛ أي: زمان ولادته.

و (مكانه)؛ أي: مكان ولادته.

والواو في (وأين) لعطف جملة على جملة؛ أي: وأعلم مكانه الذي الآن فيه؛ إذ الإنسانُ قد لا يلزم المولد.

فإن قيل: (أعلم) بمعنى: أعرف، و (أين هو) معلق، والتعليقُ يكون في أفعال القلوب المتعدية إلى المفعولين، وهنا متعد إلى واحد؟!

قيل: يجوز في الواحد أيضًا، تقول: عرفت متى تخرج؛ أي: زمان خروجك، فترى [أنه] قد عُلِّق، وكذا هنا، ويجوز في المعطوف ما لا يجوزُ في المعطوف عليه، كقول العرب: ربَّ رجل وأخيه، ولا يقال: ربَّ أخيه، ويقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015