الدَّجَّالَ فقال: "إنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ ثلاثَ سِنينَ: سنةٌ تُمْسِكُ السَّماءُ فيها ثُلُثَ قَطْرِها والأَرْضُ ثُلُثَ نبَاتِها، والثَّانِيةُ تُمْسِكُ السَّماءُ ثلُثَيْ قَطْرِها والأَرْضُ ثلُثَيْ نبَاتِها، والثَّالِثَةُ تُمْسِكُ السَّماءُ قَطْرَها كُلَّهُ والأَرْضُ نبَاتَها كُلَّهُ، فلا يبقَى ذاتُ ظِلْفٍ ولا ذَاتُ ضرْسٍ مِنَ البَهائِمِ إلَّا هلكَ، وإنَّ أَشَدَّ فِتنَتِهِ أنَّهُ يأتي الأَعْرابيَّ فيقولُ: أرأَيْتَ إنْ أحيَيْتُ لكَ إبلَكَ أَلَسْتَ تَعْلَمُ أنِّي رَبُّكَ؟ فيقولُ: بلَى، فيُمثَّلُ لهُ نحوَ إبلِهِ كأَحْسَنِ ما يكونُ ضُرُوعًا وأَعْظَمِهِ أَسْنِمَةً" قال: "ويأتي الرَّجُلَ قدْ ماتَ أَخُوهُ، وماتَ أبوهُ، فيقولُ: أرأيتَ إنْ أَحْيَيْتُ لكَ أباكَ وأخاكَ ألسْتَ تَعْلَمُ أنِّي ربُّكَ؟ فيقولُ: بَلَى، فيُمَثَّلَ لهُ الشَّياطِينُ نحوَ أبيهِ ونَحْوَ أخيهِ"، قالت: ثُمَّ خَرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وسلم لحاجَتِهِ، ثمَّ رَجَعَ والقَومُ في اهتِمامٍ وغَمٍّ ممَّا حدَّثهُمْ، قالت: فأخذَ بِلُجْمتَي البابِ فقالَ: "مَهْيَمْ أسماءُ؟ " قلتُ: يا رسولَ الله! لقدْ خَلَعْتَ أفئِدَتَنَا بذِكرِ الدَّجَّالِ، قال: "إنْ يَخْرُجْ وأنا حَيٌّ فأنا حَجِيجُهُ، وإلَّا فإنَّ ربي خَليفَتي على كُلِّ مُؤمنٍ"، فقُلتُ: يا رسولَ الله! والله إنَّا لَنَعْجنُ عَجينَنا، فما نَخْبزُهُ حتَّى نَجُوعَ، فكيفَ بالمُؤْمنينَ يَوْمَئِذٍ؟ قال: "يَجْزِيهِمْ ما يُجْزِي أهلَ السَّماءِ مِنَ التَّسبيح والتَّقْديسِ".
قوله: "فلا يبقى ذات ظِلْفٍ، ولا ذات ضرسٍ من البهائم"، (ذات الظلف): عبارة عن البقر والشاء والظبي، و (ذات الضرس): عبارة عن السباع.
قوله: "أرأيت إن أحييت"، (أرأيت)؛ أي: أخبرني.
(أرأيت) معناه: أعلمت، أو شاهدت؟ فإذا كان كذلك فمعناه: أخبرني عما شاهدت، فلما كان الرؤية والعلم سببين لحصول العلم، جاز أن يطلبَ منه أن يخبره بذلك.
قوله: "بلُحْمَتَي البابِ"؛ أي: بعضادتيه وعضديه.