فإن قيل: النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن الدجَّال لا يخرج في زمانه، فما الحكمة في قوله: "إن يخرج وأنا فيكم"؟

قيل: يحتملُ أن يريد بقوله: "وأنا فيكم"؛ يعني: ديني قائم فيكم إلى يوم القيامة، وهو غالبٌ على دعوى كل مفترٍ ومبطلٍ وماحيها، خصوصًا على دعوى من هو أشدُّ إغواء وهو الدجال.

ويحتمل أن يريد به: تحقيق خروجه؛ يعني: لا تشكوا في خروجه، فإنه سيخرجُ لا محالةَ.

ويحتمل أن يريد به: عدم علمه بوقت خروجه، كما أنه لا يدري متى الساعةُ.

ويحتمل أن يريد به: الإخبارَ بأنه - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، ولا يكون بعدَه نبيٌّ، فإن خروجَهُ بعد ختم النبوة.

ويحتمل أن يريد به: إعلام الناس بقرب خروجه، ومجيء الساعة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا والساعة كهاتين"، وأشار بالسبابة والوسطى.

ويحتمل أن يريد به: تنبيه أمته على ارتقابِ زمانه، والتعوُّذِ منه، وإن ظهر في أيِّ زمان ظهر، فليستعدَّ المؤمن على مصابرته، والتحمل من شدائده ومشاقه، ولا يغترَّ بزخرفته، بل يصرَّحُ بالحجة لا يبالي، وإذا عزم المؤمن على ذلك، أُثيبَ عليه.

قوله: "والله خَلِيفتي على كلِّ مسلم"؛ يعني: والله - سبحانه وتعالى - وليُّ كلَّ مسلم، وحافظه، فيعينكم عليه، ويدفعُ عنكم شرَّه.

هذا دليلٌ على أن المؤمن الموقن لا يزال منصورًا، وإن لم يكن معه نبي ولا إمام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015