سجود الشمس تحت العرش، فلا يُنكر أن يكون ذلك عند محاذَاتِها العرشَ في مَسيرِها، وليس في سجودِها تحتَ العرش ما يعوقُها عن الدَّأْبِ في مَسِيْرِها، والتصرُّف لما سُخرت له.

* * *

4224 - وقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بينَ خَلْقِ آدَم إلى قِيامِ السَّاعةِ أمْرٌ أَكْبَرُ منَ الدَّجَّالِ".

قوله: "ما بينَ خلقِ آدمَ إلى قيامِ السَّاعةِ أمرٌ أكبرُ من الدجال"؛ أي: لعظيم فتنتِهِ، وفظيعِ بليَّتِهِ، وليسَتْ بليَّتُه وفتنته وخوف النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته منه مِن قِبَلِ شُبهةٍ تلحَقُ المؤمنين الموقنين العارفين بالله تعالى وصفاتِه، فإذ المؤمنين عَرفوا الله تعالى معرفةً لا تتخالجهم فيها الظنون، ولا تعترضهم الشبهة؛ لأنه تعالى لا يَشبه شيئًا، ولا يُشبه شيءٌ، وأنه ليس كمثله شيء، وإن أوصَافَ الحَدث عنه منفيةٌ سبحانه وتعالى وتنزَّه عن ذلك.

وإنما أنذَرَ أمته أنه يكونَ خروجُهُ في شِدَّةٍ من الزمان، وعُسْرٍ من الحَال، وأن الناس يصيبُهُم شدةٌ، وأنه يستولي على أموالِهم ومواشِيهم، فيجوزُ أن يتَّبعَهُ أقوامٌ بأبدانِهِم وبألسنتِهم، وإن عَرفوا بقلوبهم كذبَهُ، وأن الله تعالى ليسَ كمثله شيء، ويكونُ تصديقُهم إيَّاه وإتباعهم تقيةً على حسبان تأويل قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106].

ويحسبون أن في تصديقه رُخْصَةً، كما جاز في غيره، فَمَنْ تبعَهُ، صَرَفَ الله قلبَهُ، ولم يقبَلْ منه إيمانَ قلبه بالله، ولم يعذرْهُ في نفسِهِ، فإنه لم يأتِ في شيء من الأخبار رخصةٌ في اتباعه تقية، فأنذر النبي - صلى الله عليه وسلم - قومَه، وخافَ عليهم فتْنَتَهُ لذلك، وقد قال الله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015