الشيء عدة وذخيرة؛ أي: لا يَدَّخِر لغد، ولا يكون له خزانة كفعل الأنبياء صلوات الله عليهم.

والسرُّ فيه: أن ذلك الخليفة تظهر له كنوز الأرض، أو يعلم الكيمياء، أو حينئذ لا حاجة له في الإعداد؛ لعدم النفاد، وقدرته على الإيجاد ساعة فساعة، أو يكون من كرامته أن ينقلب الحجر أو النحاس ذهبًا كرامةً له، كما روي من الأولياء رحمة الله عليهم.

* * *

4200 - وقالَ: "يُوشِكُ الفُراتُ أنْ يَحْسِرَ عنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فمنْ حَضَرَ فلا يأْخُذْ منهُ شيئًا".

قوله: "يوشكُ الفراتُ أن يحسِرَ عن كنزٍ من ذهب، فمن حضر فلا يأخذ منه شيئًا": (يوشِكُ) بكسر الشين: مضارعُ (أوشَكَ)، وهو من أفعال المقاربة الاستقبالية؛ يعني: ينبغي أن يكون خبرها مقرونًا بـ (أن)؛ لأنه للطمع والرجاء كـ (عسى)، فإذا كان للطمع والرجاء فهو استقبالي، وإن علم للاستقبال فلهذا قُرن بـ (أن).

وقيل: قد يستعمل استعمال (كاد)، وأفعال المقاربة ناقصة مثل: كان، سوى، عسى، فإنها قد تكون تامة بمعنى (قَرُبَ)، فإذا كان ناقصة معناه: تقارب، وإذا كان تامة معناه: قَرُب، وهي ها هنا ناقصة، فمعناه: يقارب الفراتُ حَسر نفسه عن كنزٍ من ذهب؛ يعني: سيظهر الفراتُ عن نفسه كنزًا من ذهب، فمن وصل إليه، "فلا يأخذ منه شيئًا"، وللحسر مفعولان ثانيهما يعدى بـ (عن) كقولك: (حسرت يدي عن الثوب).

وإنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأَخْذِ نظرًا لأمته، ودفعًا لثائرة الفتنة والمقاتلة الشديدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015