منهم إذا ذهب في حاجة؛ فإن طارَ طيرٌ أو جاء صيدٌ بحيث يكون جانب يسار ذلك الطير أو الصيد إليه يعدُّ ذلك السفر مشؤومًا، وإن كان جانب يمين ذلك الطير أو الصيد إليه يعدُّ ذلك السفرَ مباركًا؛ فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الطِّيَرة، ورخَّص في الفَأل.

يعني: لو رأى الشخصُ شيئًا يظنُّه حسنًا ويحرِّضه على طلب حاجته وإتمامه فَلْيقبَلْ ذلك، وإن رأى ما يعدُّه شؤمًا ويمنعُه عن المضي بحاجته فلا يجوز قَبولُه، ولا يرجع عن إتمام شغله، بل لِيَمضِ لشغله ولا يلتفتْ إلى ذلك.

* * *

مِنَ الصِحَاحِ:

3536 - عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا طِيَرَةَ، وخيرُها الفألُ"، قالوا: وما الفألُ؟ قال: "الكلِمةُ الصَّالحةُ يسمعُها أحدُكم".

قوله: "لا طِيَرةَ"؛ يعني: لا يجوز العملُ بالطِّيَرة، وقد ذُكر شرح (الطِّيَرة).

"وخيرُها الفَأل"؛ يعني: الفألُ خير من الطِّيَرة، وليس معنى هذا الكلام: أن الطِّيَرةَ فيها خيرٌ، والفألَ خيرٌ منها، بل لا خيرَ في الطِّيَرة أصلًا، وهذا مثل قوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [الفرقان: 24]؛ يعني: أصحاب الجنة خيرٌ من أصحاب النار، ومعلومٌ أنه لا خيرَ في أصحاب النار أصلًا.

قوله: "الكلمة الصالحة يسمعها أحدُكم"؛ يعني: الفألُ أن يقصدَ أحدُكم، فيسمعَ كلمةً صالحةً يفرح بها وتحرِّضه على ذلك الأمر، كما ذُكر قُبيلَ هذا.

* * *

3537 - وقال: "لا عَدْوَى، ولا طِيَرَةَ، ولا هامَةَ، ولا صَفَرَ، وفِرَّ مِن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015