حاربناهُمْ، ومَنْ تركَ منهُمْ شيئًا خِيفةً فليسَ مِنَّا".
قوله: "ما سالمناهم منذ حاربناهم"، (سالم)؛ أي: صَالَح؛ يعني: ظهرت بيننا وبين الحيَّات عداوةٌ بأن أدخلْنَ إبليس الجنة ليوسوِس أبانا آدمَ وأمَّنا حواءَ - عليهما السلام -، ولم يَجْرِ بيننا وبينهنَّ صلحٌ بعد تلك العداوة، وحقُّ قوله: "ما سالمناهم" أن يقول: (ما سالمناهنَّ)؛ لأن لفظ (هم) إنما يقال لجماعة المذكَّرين من العقلاء، وليست الحيات من العقلاء، وإنما قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما سالمناهم"؛ لأن المسالمة هي المصالحة، والمصالحة إنما تجري بين العقلاء، فلما عبَّرَ عن الحيات بالمسالمة جعل ضميرَهم كضمير العقلاء.
* * *
3174 - وقال العبَّاسُ - رضي الله عنه - لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّا نريدُ أنْ نكْنُسَ زمزَمَ وإنَّ فيها مِنْ هذهِ الجِنَّانِ - يعني الحيَّاتِ الصِّغارَ - فأمرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقَتْلِهِنَّ.
قوله: "أن نَكْنُس"؛ أي: أن نظهر بئر زمزم.
* * *
3175 - عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: اقتُلُوا الحيّاتِ كُلَّها إلَّا الجانَّ الأبيضَ الذي كأنَّه قضيبُ فِضَّةٍ.
قوله: "كأنه قضيب فضة"؛ أي: كأنه سَوط من فضة؛ أي: أبيض كله، ولعل النهي عن مثل هذا النوع من الحيات لأنه لا سُمَّ له.
* * *