الهدَى، أمَّا بعدُ: فإني أَدعُوكَ بداعيةِ الإِسلامِ، أسلِمْ تَسْلَم، وأسلِمْ يُؤْتِكَ الله أجرَكَ مرَّتينِ، فإنْ تَوَلَيتَ فعليكَ إثمُ الأرِيسيَّينَ، و {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ".
ويُروَى: "بدِعايةِ الإِسلامِ".
قوله: "بعث بكتابه إليه"، (بكتابه)؛ أي: مع كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قيصر. "إلى عظيم بصرى"؛ أي: إلى أمير بصرى، و (بصرى): اسم بلد من الشام.
"من محمَّد"؛ أي: هذا الكتاب جاء من محمَّد، أو مبعوثٌ من محمَّد "عبد الله" صفةُ (محمَّد).
"هرقل" بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف: اسم عظيم الروم؛ أي: ملك الروم في ذلك الوقت، و (قيصر) اسمٌ لجميع ملوك الروم، كما يقال في بعض البلاد لملكهم: أتابك، ولبعض البلاد: سلطان.
"سلام على من اتبع الهدى"، (الهدى): طريق الحق وهو الإِسلام، ولم يقل: سلام عليك؛ لأنه كافرٌ ولا يجوز أن يسلَّم النبي على كافر، وكذلك لا يجوز للمسلمين أن يسلَّموا على كافرِ، بل يقولون: السلام على مَن اتبع الهدى.
قوله: "بداعية الإِسلام"، (الداعية): بمعنى الدعاء.
قوله: "أسلم تسلم"؛ يعني: أَسْلِمْ لكي تَسْلَمَ من أن نقتلك، وتَسْلَمَ من عذاب يوم القيامة.
"يؤتك الله أجرك مرتين" قد ذكرناه في أول الكتاب في قوله: "ثلاثة لهم أجران"، وكان هرقل نصرانيًا فلهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "يؤتك الله أجرك مرتين".
"فإن تولَّيت"؛ أي؛ فإن أعرضت عن الإِسلام.