قوله: "ما أنتما بأقوى مني"؛ أي: بأقوى مني على السَّير راجلًا، بل أنا أقوى.
قوله: "وما أنا بأغنى عن الأجر منكما"؛ يعني: أنتما تريدان أن تمشِيا راجلين لطلب الأجر، وأنا أيضًا أطلب الأجرَ بأن أنزِلَ وأُرْكِبَكُما على الدابة، وإنما قال هذا لتعليمِ الأمة طلبَ الأجر، وان كان طالبُ الأجرِ عالمًا أو زاهدًا، فإنَّ أحدًا لا يستغني عن الأجر؛ لأن الأجر مزيدُ درجاتِ النعيم، وكلُّ المؤمنين ليكونوا حريصين على مزيد درجات النعيم.
ألا ترى أن رسولَ الله مع عُلُوِّ شأنِه رغَّبَ أمته في أن يقولوا بعد الأذان: آتِ محمدًا الوسيلةَ والفضيلةَ، كما ذكر في (باب الأذان).
* * *
2967 - عن أبي هريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَتَّخِذوا ظُهورَ دوابكم منابرَ، فإنَّ الله تعالى إنَّما سخَّرَها لكم لتُبلِّغَكم إلى بلدٍ لم تَكونوا بالِغِيهِ إلا بِشِقَّ الأنفُسِ، وجعلَ لكم الأرضَ، فعليها فاقضُوا حاجاتِكم".
قوله: "لا تتخذوا ظهورَ دوابكم منابرَ"؛ يعني: لا تركَبُوا على الدوابِّ إلا لحاجةٍ بأن تَلْحَقَكُم المشقةُ في السير راجلًا، ولا تجعلوا الدوابَّ مثل المنابرِ تركبونها من غير حاجة وضرورة كما هو عادةُ بعض الناس.
قوله: "إلي بلدٍ لم تكونوا بالغيه إلا بِشِقِّ الأنفس"؛ يعني إلى بلدٍ بعيدٍ تلحَقُكُم المشقةُ بالذهاب إليه راجِلِين.
قوله: "وجعل لكم الأرضَ"؛ يعني: خلقَ لكم الأرضَ لتسْكُنوا فيها، وتَرَدَّدوا عليها كيف شئتم، ومتى شئتم فلا حرَج عليكم في التَّرَدُّدِ على الأرض بخلافِ ركوب الدوابِّ، فإنَّ ركوبَها بغير حاجة منهيٌّ.