2934 - وعن أبي وَهْبٍ الجُشَميِّ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارتبطوا الخيلَ، وامْسَحُوا بنواصِيها وأَعجازِها - أو قال: أَكفالِها - وقَلِّدوها، ولا تُقَلَّدُوها الأوتارَ".
قوله: "ارتبطُوا الخيلَ"؛ أي: ارتبطُوها وسَمِّنُوها لأجل الغَزْوِ.
قوله: "وامسَحُوا بنواصيها وأعجازِها"، النواصي: جمعُ ناصية، و (الأعجازُ): جمع عَجُز، وهو الكِفْل؛ لعلَّه - صلى الله عليه وسلم - يريد بهذا المسح: تنظيفَ الخَيْل من الغُبَار، وتعرُّفَ حالِها من السِّمَن والعَجَف، فإن الخيلَ لِيَكُنْ سمينًا؛ ليقدرَ على الرَّكْض والجَوَلاَنِ في المحاربة، ولتكنْ نظيفةً حسنةً كيلا يستخفَّها ويستحقِرَها الكفار، ولهذا جَوَّزَ تحليةَ آلاتِ الحرب بالفضة كي لا يستَحقِرَ الكفارُ المسلمين.
قوله: "وقَلِّدُوها"؛ أي: عَلَّقوا بأعناقها ما شئتم إلا الأوتارَ، وهو جمِعُ وَتَر، وإنما نَهَى عن تقليدِها الوترَ؛ لأنَّ العربَ كانوا يعتقِدُون أن الوَتَرَ يدفعُ العينَ عما عُلقَ به الوَتَر، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الفعلِ والاعتقادِ؛ لأنه لا دافعَ ولا معطيَ إلا الله.
وقيل: إنما نهاهم عن تعليق الوَتَر كيلا يختَنِقَ الفَرَسُ به.
* * *
2935 - عن ابن عبَّاسٍ قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عبدًا مأمورًا، ما اختصَّنا دونَ النَّاسِ بشيءٍ إلا بثلاثٍ: أَمَرَنا أنْ نُسبغَ الوُضوءَ، وأنْ لا نأكلَ الصَّدَقةَ، وأنْ لا نُنْزِيَ حِمارًا على فرسٍ.
قوله: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَبدًا مأمورًا ما اختصَّنا دونَ الناسِ بشيءٍ إلا بثلاث"، مفهومُ كلامِ ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما اختصنا بهذه الثلاثة بأمر الله؛ لأنه لا يقولُ شيئًا إلا بأمر الله.
قوله: "أن نُسْبغَ الوُضُوءَ".