قوله: "يُخْتَمُ على عمله"؛ يعني: انقطع عملُه؛ أي: لا يصلُ إليه ثوابُ عمل؛ لأنه لم يكن حيًا حتى يعملَ فيُثَاب، إلا الشهيد، فإنه يُنْمَى له عملُه؛ أي: يزادُ ويربى عمله، ويصلُ إليه كلَّ لحظةٍ أجرٌ جديد؛ لأنه فدى نفسَه في شيءٍ يعود نفعُه إلى المسلمين، وهو إحياءُ الدين، ودفعُ الكفار عن المسلمين، فيكون داخلاً في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإنسان انقطع عملُه إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"، فسعيُه مما يستريحُ به المسلمون؛ لأنه دَفَعَ الكفار عنهم، أو لم يدفَعْ، ولكن كانت نيتُه أن يدفعَ الكفارَ عن المسلمين فقُتِلَ قبل أن يبلغَ ما في نيته.
* * *
2890 - وعن معاذِ بن جبلٍ - رضي الله عنه - سَمِعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ قَاتَلَ في سبيلِ الله فَوَاقَ ناقةٍ، فقد وَجَبَتْ لهُ الجنَّةُ، ومَن جُرحَ جُرحًا في سبيلِ الله أو نُكِبَ نَكْبَةً، فإنها تَجيءُ يومَ القيامةِ كَأَغْزَرِ ما كانت، لونُها الزَّعْفَرانُ وريحُها المِسْكُ، ومَن خَرَجَ به خُرَاجٌ في سبيلِ الله فإنَّ عليهِ طابَعَ الشُّهداءِ".
قوله: "من قاتل في سبيل الله فَوَاقَ ناقةٍ، فقد وجبتْ له الجنة"، قال أهل اللغة: (الفَوَاقُ): ما بين الحَلْبتين من الوقت، وهذا يحتملُ أن يكونَ ما بين الغداةِ إلى المساءِ؛ لأن الناقةَ تُحلَب في وقت الغداة، ثم في وقت المساء، أو تُحلَبُ في وقت المساء، ثم إلى المساء الآخر.
ويحتملُ أن يكونَ ما بينَ أن يحلِبَ في ظرفٍ فامتلأ، ثم يحلِبَ في ظرفٍ آخر في ذلك الوقت، فيكون الفواق الزمان الذي فرغ في ملء ظرف، ثم الحلب إلى ظرف آخر.
ويحتملُ أن يكونَ ما بين جَرِّ الضَّرْعِ إلى جَرِّه مرةً أخرى، كلَّ ذلك