السَّعْيِ في طلب الصواب وطلبِ الدليل، وأجرُ وجدانِ الصوابِ وعَمَلِ من يعمَلُ بذلك من المستفتين، أو إيصال الحق إلى صاحبه من الخَصْمَين، وأما إذا أخطأ فله أجرُ سَعْيه في طلب الدلائل والبراهين، ولكنْ ليس له أجرُ التكلُّم والإفتاء بالصواب، وإيصال الحقَّ إلى المستحِقَّ وعَمَلِ من يَعْمَلُ بقوله، أمَّا ليسَ عليه مع أخطائه إثمٌ؛ لأنه لم يتكلَّمْ بباطلٍ عن القَصْد، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رُفِعَ عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استُكْرِهُوا عليه".
روى هذا الحديثَ - أعني: (إذا حكم الحاكم) - عمرو بن العاص.
* * *
مِنَ الحِسَان:
2810 - قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن جُعِلَ قاضيًا بينَ النَّاسِ فقد ذُبحَ بغيرِ سِكِّينٍ".
قوله: "من جُعِلَ قاضيًا بين الناس فقد ذُبحَ بغيرِ سِكِّين"؛ يعني: الذبحُ بالسكين أيسرُ من الذبح بالحَجر أو الخَشَب وغيرهما، يعني: من جُعِلَ قاضيًا فكأنه ذُبحَ ذبحًا شديدًا، أو ذُبحَ بحيث لا يَرى ذبحَه أحدٌ، يعني: فقد ذُبحَ القاضي وهو لا يَعْلَم، وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث؛ لأن ضررَ القضاء كثير؛ لأنه قلما عدَلَ القاضي بين الخصمين؛ لأن النفسَ مائلةٌ إلى ميلِ مَنْ تحبُّه أو تخدِمُه، أو من له منصِبٌ يتوقَّعُ جاهه، أو يخاف سلطنَته، وربما وَسْوسَتْه نفسُه على تجويز قَبول الرِّشْوَة، فمن كانت هذه صفاتُه، فالموتُ خير له من القضاء؛ لأن الموتَ يدفعُه عن المعاصي، والقضاءُ الموصوفُ بهذه الصفاتِ يوقِعُه في المعاصي، هذا التهديد في حقِّ قاضٍ لم يَعْدِل في الحكم.
أما القاضي العادلُ في الحُكْم، فله ثوابٌ كثير؛ لأنه تابعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في