قوله: "أفضلُ الجهادِ مَنْ قالَ كلمةَ حقٍّ عند سلطانٍ جائِرٍ"، تقديرُ هذا الكلام: أفضلُ الجهادِ تكلُّمُ مَنْ قالَ كلمةَ حقٍّ عند سلطانٍ جائرٍ؛ يعني: من أمرَ سلطانًا بمعروف أو نهاه عن منكَرٍ فهو أفضلُ المجاهدين؛ لأن الجهادَ هو قَتْلُ كافرٍ، وقتلُ كافرٍ نفعُه أقلُّ من نهيِ سلطانٍ عن ظلم؛ لأن ظُلْمَ السلطان يتعلَّقُ بجميع الرعية، والرعيةُ في مُلْكِه ربما تكون كثيرةً، فإذا دفعَ سلطانًا عن ظلمٍ فقد أوصلَ النفعَ إلى خَلْقٍ كثير.
روى هذا الحديثَ أبو أُمامة.
* * *
2797 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرادَ الله بالأميرِ خيرًا جَعلَ لهُ وزيرَ صدقٍ، إنْ نَسيَ ذَكَّرَهُ وإنْ ذَكرَ أعانَهُ، وَإذا أرَادَ بهِ غيرَ ذلكَ جَعلَ لهُ وزيرَ سُوءٍ، إنْ نَسيَ لم يُذَكِّرْهُ، وإنْ ذكرَ لم يُعِنْهُ".
قوله: "وزير صِدْقٍ"؛ أي: وزيرًا صادقًا مصلحًا.
"إن نَسِيَ"؛ أي: نسيَ السلطانُ ما هو الحقُّ علَّمَه الوزيرُ، وإن كان السلطانُ عالمًا بما هو الحقُّ أعانه الوزير بأن يحرِّضَه على إتمام الحقِّ، ويعلَّمَه ثوابَه، ولا يتركه أن يَتَّكِلَ ويغترَّ فيه.
* * *
2798 - عن أبي أُمامةَ - رضي الله عنه -، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الأميرَ إذا ابتغَى الرِّيبَةَ في النَّاسِ أَفْسَدَهم".
قوله: "إنَّ الأميرَ إذا ابتغى الرِّيبةَ في الناس أَفْسَدَهم".
(ابتغى)؛ أي: طَلَبَ الريبةَ؛ أي: اتَّهمَه يعني: لو طلبَ الأميرُ عيوبَ