قوله: "اقضِ بيننا"؛ أي: احكم بكتاب الله؛ أي: بحكم الله.
"العَسِيفُ": الأجير، وإنما قال: "عسيفًا على هذا" ولم يقل: لهذا؛ نظرًا إلى جانب العَسِيْف، فإنَّ له على المستأجر الأجرة المسماة من جهة الخدمة والعمل، ولو قال: عسيفًا لهذا، لكان نظره إلى جانب المستأجر؛ لما يلزم له على العسيف العمل المسمى المعلوم.
قوله: "ثم إني سألت أهل العلم"؛ أي: سألت العلماء عن هذه المسألة، فيه دليل على أن الاستفتاء من المفضول مع وجود الفاضل جائز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُنكر على السائل في ذلك.
قوله: "أما والذي نفسي بيده لأقضين بكتاب الله"، (أَمَا) كلمة تنبيه؛ يعني: تنبهوا.
قال في "شرح السنة": قيل: المراد من (الكتاب): الفرض، يَقول: لأقضينَّ بينكما بما فرضه الله وأوجبه؛ إذ ليس في كتاب الله ذِكْرُ الرجم منصوصًا كذكر الجلد والقطع في السرقة، وقد جاء الكتاب بمعنى الفرض، قال الله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] أي: فرضه.
وقيل: (بكتاب الله)؛ أي: بحكم الله، وقوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} [الطور: 41] أي: يحكمون.
وقيل: ذِكْرُ الرجم وإن لم يكن منصوصًا عليه صريحًا، فإنه مذكور في الكتاب على سبيل الإجمال، وهو قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: 16] و (الأذى) يُطلق على الرَّجم وغيره من العقوبات، أو ضَمِنَ الكتابُ بأن يجعل لهنَّ سبيلاً، ثم بيَّنهُ عليه على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقوله:
"البكر بالبكر جلد مئة وتغريب عام": بيان حُكْم الكتاب.