فقد ثبت بما قررنا أن مراد الحديث: أنَّ مَن قدر على تحصيل نفقة المرأة وكسوتها فليتزوج، ومن لم يقدر على النفقة والكسوة فعليه كسر شهوته بالصوم.
وقوله: "فليتزوج" هذا أمرُ ندبٍ واستحبابٍ لا أمرُ إيجابٍ عند أكثر العلماء، وقال داود الظاهري: إنه أمرُ إيجابٍ.
وهذا الأمر إنما يتوجَّه إلى مَن تاقت نفسه؛ أي: غلبت شهوتُه، فإنَّ مَن تاقت نفسه إلى النكاح فيستحبُّ له النكاح، ويجب عند داود، ومن لم تتق نفسه إلى النكاح، فتركُ النكاح والتخلِّي إلى العبادة أولى له.
وقال أبو حنيفة: بل النكاح له أولى.
قوله: "أغض للبصر"، (الغضُّ): إلصاق أحد جفني العين بالأخرى.
قوله: "أحصن" وهو من الإحصان، وهو الحفظ.
و (أغض) و (أحصن): أفعل التفضيل؛ يعني: مَن تزوَّج فقد حفظ عينه عن النظر إلى امرأة أجنبية، وحفظ فرجه عن الحرام.
قوله: "وجاء"، (الوجاء): دقُّ خصية الفحل، والمراد به ها هنا: كسرُ الشهوة بالصوم.
* * *
2286 - وقالَ سعدُ بن أبي وقاصٍ - رضي الله عنه -: رَدَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمانَ بن مظعونٍ التَّبَتُّلَ ولو أَذِنَ له لاختصَيْنا.
قوله: "رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون التبتل"، (التبتل): الانقطاع عن الشيء، ويستعمل في الانقطاع عن النساء، وهو المراد ها هنا؛ يعني: استأذن عثمان بن مظعون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ترك التزوج، والاعتزالِ عن النساء، فمنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال الراوي: "ولو أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ترك التزوج لاختصينا"؛