وإنما قال للسدس الذي ورثه بالتعصيب طعمة، ولم يقل للسدس الذي ورثه بالفرض طعمة؛ لأن الفرض لا يتغير، وأما التعصيب يتغير بالزيادة والنقصان، وربما لم يبق نصيب العصبة، فلما لم يكن التعصيب شيئًا مستقرًا ثابتًا على حالةٍ واحدة سماه: (طُعمة)؛ أي: هذا رزقٌ رَزَقَك الله بسبب عدم كثرة أصحاب الفروض، فإنه إن كثرت أصحاب الفروض لم يبق لك هذا السدس الأخير.
* * *
2273 - عن قَبيْصَةَ بن ذُؤيبٍ أنه قال: جاءَتْ الجدَّةُ إلى أبي بكرٍ - رضي الله عنه - تسألُه ميراثَها، فقال لها: ما لَكِ في كتابِ الله شيءٌ، وما لَكِ في سنَّةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ، فارجِعي حتى أسألَ الناسَ، فسألَ، فقالَ المغيرةُ بن شُعبةَ - رضي الله عنه -: حَضَرتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السُّدُسَ، فقال أبو بكرٍ - رضي الله عنه -: هلْ معكَ غيرُكَ؟ فقال محمدُ بن مَسْلَمةَ مثلَ ما قالَ المغيرةُ، فأَنفَذَهُ لها أبو بكرٍ - رضي الله عنه -، ثم جاءَتْ الجَدَّةُ الأُخرى إلى عمرَ - رضي الله عنه - تسألهُ ميراثَها، فقال: هو ذلكَ السُّدُسُ، فإنْ اجتمعْتُما فهو بينَكُما، وأَيَّتُكما خَلَتْ بهِ فهوَ لها.
قوله: "فأنفذه لها أبو بكر - رضي الله عنه - " الضمير المذكَّر الغائب في (أنفذه) ضمير السدس؛ يعني: أعطى الجدةَ السدس.
قوله: "هو ذلك السدس"، (السدس): عطفُ بيان لـ (ذلك)، ولفظة (هو) ضمير لنصيبها؛ يعني: نصيبك السدس.
قوله: "فإن اجتمعتما" هذا الخطاب للجدة من طرف الأم والجدَّةِ من طرف الأب.
قوله: "خلت"؛ أي: تفرَّدت بالسدس؛ يعني: فإن كانت واحدةٌ منكما، ولم تكن الأخرى، فالسدس لها، فإن اجتمعتما فالسدس بينكما.
* * *