هذه الآية مذكورةٌ في حق الكفار، ولكن ذكرها رسول الله عليه السلام في هذا الحديث تخويفًا للمؤمنين لكي يحترزوا عن كثرة الذنوب كي لا تسوَدَّ قلوبُهم كما اسودَّت قلوبُ الكفار، فإن المؤمن لا يصير كافرًا بكثرة الذنوب، ولكن يصير قلبُه مسوَدًّا بكثرة الذنوب، وإذا صار قلبُه مسودًا بكثرة الذنوب، فقد شابه الكافرَ في اسوِداد القلب من الذنوب، ولم يشابهْهُ في الكفر.

روى هذا الحديثَ أبو هريرة.

* * *

1681 - وقال: "إنَّ الله يَقْبَلُ توبةَ العَبْدِ ما لم يُغَرْغِرْ".

قوله: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر".

(ما) للدوام، و (غرغر): إذا تردد الروح في الحلق؛ أي: ما لم تصل روحه إلى حلقه.

قبضُ الروحِ يبتدأ من أصابع رجليه وينزع إلى حلقه حتى يخرج من رأسه، وإنما يبتدئ قبض الروح من الرجل ليكون نزع الروح من قلبه ولسانه آخِرًا ليكون لسانُه ذاكرًا، وليتوب ولِيوصِ ويستحل من الناس عن المظالم والغيبة ليكون آخِرَ عُمُرِه بالخير، فإن الرجل إذا عرف أَمَارت الموتِ لا شك أنه يَفْزَعُ إلى التوبة والاستحلال والوصية وذكرِ الله تعالى.

قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: يقبل التوبة ما لم يعاينِ الرجلُ ملكَ الموتِ؛ يعني: ما لم يتيقنِ الموتَ، فإذا تيقن الموتَ بأن رأى مَلَكَ الموت أو عَلِمَ خروجَ الرُّوحِ من بعض أعضائه لا تُقبل توبته، وهذا مثلُ البحث المذكور في طلوع الشمس من مغربها، فقد تقدَّم في هذا الباب.

وقال محيي السنة في "معالم التنزيل": في {وَلَيْسَتِ اَلتَّوْبَةُ ...} إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015