بي، وحيث ذكر الإيمان بالرسول فالمراد منه: الإيمان بما جاء به الرسول، ولكنه لا يحصل الإيمان بما جاء به الرسول إلا بتصديق الرسول عليه السلام.
* * *
9 - وقال: "ثلاثةٌ لهم أجرانِ: رجلٌ مِنْ أهلِ الكتابِ آمنَ بنبيِّهِ وآمنَ بمحمدٍ، والعبدُ المملوكُ إذا أدَّى حقَّ الله وحقَّ مَواليهِ، ورجلٌ كانتْ عندهُ أمَةٌ يَطؤها، فأدَّبها فاحسنَ تأدِيبَها وعلَّمَها فأحسنَ تعليمَها، ثمَّ أعتَقَها فتزوَّجَها، فلهُ أَجران"، رواه أبو موسى الأَشْعَري - رضي الله عنه -.
قوله: "رجلٌ من أهل الكتاب" أراد به: النصارى لا غيرهم من أهل الكتاب؛ لأنَّ عيسى - عليه السلام - نسخَ جميع الأديان التي كانت قبله، فكلُّ مَنْ عمل بدين منسوخٍ كيف يكون له أجر؟
وأراد بقوله: "لهم أجران" أحد الأجرين على العمل بدين نبيه والإيمان به، والأجر الثاني على الإيمان بمحمد عليه السلام، والعمل بدينه.
وقد قلنا: قد نُسِخت الأديان التي كانت قبل عيسى عليه السلام بعيسى، فلا يُؤجَر من كان على دين غير عيسى، ثم لم يكنْ جميعُ من كان على دين عيسى يؤجر أجرين، بل من كان منهم متبعًا لعيسى عليه السلام، ولم يقل شيئًا كفر به في دينهم، كقول بعضهم: المسيح ابن الله، وقولهم: إن الله ثالث ثلاثة، وما أشبه ذلك، فإن هذه الطائفة كفروا بعيسى عليه السلام بقولهم هذه الأشياء، فلم يؤجروا بالعمل بدين عيسى.
وأما من كان على الحقِّ من النصارى، فيحصل له أجرٌ بالإيمان بعيسى والعمل بدينه إلى بعثة نبينا عليه السلام، ثم إذا آمن بنبيَّنا يحصلُ له أجرٌ آخر، ويكون له أجران؛ أجر على اتباع رسوله عليه السلام وأجرٌ على اتباع نبينا محمد عليه السلام.