1620 - وقال: "مَنْ جاءَ بالحسَنةِ فلهُ عَشْرُ أمْثالِهَا وأَزِيدُ، ومَنْ جاءَ بالسَيئةِ فجَزاءُ سيئةٍ مثلُها أو أَغفِرُ، ومَنْ تَقَرَّبَ شِبرًا منِّي تَقَرَّبْتُ منه ذِرَاعًا، ومَنْ تَقَرَّب منِّي ذِراعًا تقرَّبْتُ منهُ باعًا، ومَنْ أَتاني يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، ومَنْ لَقِيَنِي بقُرابِ الأَرضِ خَطيئةً لا يُشْرِكُ بي شيئًا لَقِيتُهُ بمِثلِها مغفرةً".
قوله: "أو أَغْفِرُ"؛ يعني: إن شئتُ جازيتُ المسيءَ لا أجازيه بكلِّ شيء إلا جزاء سيئة فقط، وإن شئت أغفر له تلك السيئةَ؛ فإني غفورٌ رحيم.
قوله: "ومن تقرَّبَ مني شِبرًا، تقرَّبت منه ذِراعًا ... " إلى آخره.
(التقرُّب): طلب القُربةِ، وطلبُ قُربةِ العبد من الله يكون بالطاعة، فمن كانت طاعتُهُ وصفاءُ قلبه أكثرَ، كانت قربته من الله أكثر.
يعني بهذه الألفاظ المذكورة في هذا الحديث: أن ثوابي أكثرُ من طاعة العبد، وتوفيقي إياه أكثرُ من سعيه؛ يعني: فإن فعلَ خيرًا قليلاً، جازيته به ثوابًا كثيرًا، وإن طلب مني التوفيقَ والاستعانةَ على الطاعة أعطيتُهُ أضعافَ ما طلب.
(المشي): الذهاب المعهود.
و (الهرولة): الذهاب مع الإسراع؛ يعني: العَدْو.
"ومَنْ لقيني"؛ أي: جاءني يومَ القيامة.
"بقُرابِ الأرضِ"؛ أي: بمِلء الأرضِ.
لا يجوزُ لأحد أن يغترَّ بهذا الحديث ويقول: إذا قال الله تعالى: "مَنْ لقيني بقُرابِ الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئًا، لقيتُهُ بمثلها مغفرة"، فأُكْثِرُ الخطيئةَ حتى يكثِرَ الله مغفرته، وإنما قال الله بهذا؛ كي لا ييأسَ المذنبون من رحمته، ولا شك أن الله له مغفرةٌ وعقوبةٌ، ومغفرتُهُ أكثرُ، ويغفرُ كثيرًا من [ذنوب] المذنبين، وإن كانت ذنوبهم كثيرة، ويُعذَّب كثيرًا من المذنبين