قوله حكاية عن الله أنه قال: "أنا عند ظن عبدي بي"، هذا يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون معناه: أني مطلعٌ على قلب عبدي، وأعلمُ أن فيه ذكري، ومَحبتي، وتعظيمَ أمري، ورضاه بقضائي وقدري، أو يكون في قلبه خلافُ هذه الأشياء، فإذا علم العبد أني مطلعٌ على قلبه، فليكنْ في قلبه ما أُحبُّه وأُثيبُهُ عليه جدًا، ولا يغفلُ عني، فيحرم من رضائي وثوابي.
والاحتمال الثاني: أن يكون معناه: أني أعطي العبدَ ما يظن بي، فإن اعتقدني كريمًا، أكرمت عليه، وإن اعتقدني غفورًا غفرت له، وإن اعتقدني رحيمًا رحمته.
و (الظن) هنا بمعنى: اليقين والاعتقاد، لا بمعنى: الشكِّ.
قوله: "وأنا معهُ إذا ذكرني"؛ أي: أنا عالمٌ به، ولا يَخفَى عليَّ شيءٌ.
"فإن ذكرني في نفسِهِ"؛ أي: في السرِّ.
"ذكرته في نفسي"؛ أي: أوجبت له، وأثبتُّ له الثوابَ بحيث لا يعلمُ أحدٌ من الملائكة.
"وإن ذكرني في ملأ"؛ أي: بينَ جماعةٍ. و (الملأ): الجماعة الأشراف.
"ذكرته في ملأ"؛ أي: بين الملائكة.
"خير منهم"؛ أي: الملائكة خير من الجماعة التي ذكرني بينهم.
واختلف في أن الملائكة خير من البشر أم لا؟ وما عليه المعتبرون من الأئمة، وهذا هو المختارُ: أن خواصَّ البشر - أعني: الأنبياءَ - خيرٌ من خواصِّ الملائكة، وأما عوامُّ البشر ليسوا خيرًا لا من خواصِّ الملائكة، ولا من عوامهم.
روى هذا الحديثَ أبو هريرةَ.
* * *