والإِمامُ العادِلُ، ودعوةُ المَظْلومُ يَرفَعُهَا الله فوقَ الغَمامِ وَيُفْتَحُ لها أبوابُ السَّماءِ، ويقولُ الرَّبُّ: وعِزَّتي لأَنْصُرَنَّكَ ولو بعدَ حينٍ".
قوله: "ثلاثةٌ لا تردُّ دعوتهم ... " إلى آخره.
اعلم أن سرعة قَبولِ الدعاء إنما تكونُ لصلاح الداعي، أو لتصرُّعه في الدعاء، و"الصائمُ" يقبل دعاؤه؛ لأنه فرغَ من عبادةٍ محبوبةٍ إلى الله تعالى، وهي الصوم، كما قال رسول الله - عليه السلام - حكايةً عن الله تعالى: أنه قال: "الصَّومُ لي".
وأما "الإمام" فلأنَّ عدله أفضلُ العبادات؛ لأن عدلَ ساعةٍ يدركُ عبادةَ ستين سنة.
وأما "المظلوم" فلأنه لمَّا لحقته نار الظلم، واحترقت أحشاؤه، خرج منه الدعاءُ عن التضرع، وصار مُضطرًا إلى قبول الدعاء، ودفع الظلم عنه، فيقبل الله دعاءه، كما قال الله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62].
قوله: "يرفعُها الله فوقَ الغَمامِ"، الضمير في (يرفعها) يرجع إلى دعوة المظلوم، والمراد بقوله عليه السلام: (يرفعها فوق الغمام) أنه يرفعها حتى تجاوزَ الغمامَ، وهو السحاب، وتجاوزُ السماءَ حتى تصلَ إلى حضرة الله تعالى، فيقول الله: "وعزتي لأنصرنك" أيها المظلوم "ولو بعد حين".
يعني: لا أضيعُ حقك، ولا أردُّ دعاءك، ولو مضى زمانٌ طويل؛ لأني حكيمٌ، لا أعجَّل عقوبة العباد، فلعلهم يرجعون عن الظلم والذنوب إلى إرضاءِ الخصومِ والتوبةِ.
روى هذا الحديث أبو هريرة.
* * *
1615 - وقال: "ثلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَاباتٍ لا شَكَّ فيهنَّ: دعوةُ الوالِدِ،