"اللهمَّ اهدِ قومي؛ فإنَّهمْ لا يَعلمونَ"، فأُعطِي قبول الشفاعة يوم القيامة عوضًا عمَّا لم يدع على أمته، وصبر على أذاهم، ويعني بالأمة فيما ذكرنا: أمة الدعوة، لا أمة الإجابة، فإن أَحَدًا من الأنبياء لم يدعُ على مَنْ أجابه من أمته، بل دعا على من كفر به.
قوله: "وإني اختبأت"؛ أي: سترت. (الاختباء): الستر؛ يعني: أخَّرت دعوتي إلى يوم القيامة لأشفعَ لأمتي.
"فهي نائلةٌ"؛ أي: شفاعتي واصلة وواجدة كلَّ مَنْ مات من أمتي غير كافر.
(نال ينال نيلاً) على وزن (علم يعلم): إذا وجد ووصل.
روى هذا الحديث أبو هريرةَ.
* * *
1590 - وقال: "اللهمَّ إنَّي أتَّخِذُ عِنْدَكَ عَهْدًا لنْ تُخْلِفَنيهِ، فإنَّما أنا بشرٌ، فأيُّ المُؤمِنينَ آذَيْتُهُ شَتَمْتُهُ لَعَنْتُهُ جَلَدْتُهُ فاجْعَلْهَا لهُ صلاةً، وزكاةً، وقُرْبةً تُقَرِّبُهُ بها إليكَ يومَ القيامَةِ".
قوله: "إنِّي أتَّخِذُ عندكَ عهدًا"؛ أي: أطلب منك.
"لن تُخْلِفَنيهِ"؛ أي: أرجو أن لا تردني فيما أطلبُ منك، ويحتمل أن يكون معناه: أُوقِنُ أنك لن تردنيه، فإن دعاء الأنبياء لا يرد. "فإنما أنا بشر"؛ يعني: أنا بشرٌ يصدرُ مني ما يصدر من البشر من الشتم والضرب وغير ذلك ممَّا يصدرُ من الإنسان عند الغضب.
"فأيُّ المؤمنين آذيتُهُ ... " إلى آخره. معنى: "جلدته"؛ أي: ضربته.
"فاجعلها"؛ أي: فاجعلْ تلك الأذيةَ والشتمةَ واللعنةَ والجلدةَ.