قوله: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"؛ يعني: المسلمُ الكاملُ في إسلامه من لا يؤذي أحدًا بلسانه بالشتم والغيبة والبهتان، ولا يأخذُ مالَ أحد، ولا يضربُ أحدًا بغير حق، ولا يمدُّ يده إلى امرأة ليست منكوحة ولا مملوكة له.

وإنما اختص اللسان واليد؛ لأن أكثرَ الإيذاء والضرر يحصلُ بهذين العضوين، وإلا يمكنُ إيذاءُ الناس بالعين والرجل بأن ينظر إلى بيت أجنبي، أو يمشي إلى موضع يتأذَّى أهل ذلك الوضع من دخوله عليهم.

ومراد النبي بهذا الحديث: أن مَنْ ترك إيذاء الناس من جميع الوجوه مع أداء الفرائض بصحيح الاعتقاد، فهو مسلم كامل، ومن لم يترك إيذاء الناس، فهو مسلم ناقص.

ومن أجرى هذا الحديثَ على نفيِ أصل الإسلام، وقال: من لم يترك إيذاء الناس فليس بمسلم أصلًا، فهو مبتدع.

قوله: "والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه"، (المهاجرة): ترك الرجل وطنه، والانتقال إلى موضع آخر، وفي الشرع: ترك الرجل وطنه الذي كان بين الكفار والانتقال إلى دار الإسلام لله تعالى ولرسوله عليه السلام.

والمهاجر ليس من هاجر من مكة إلى المدينة قبل فتح مكة فقط، بل الهجرة باقية إلى يوم القيامة؛ لأن الهجرة هي الانتقال من الكفر إلى الإسلام، ومن ديار الكفر إلى ديار المسلمين، ومن المعصية إلى الطاعة، وهذه الأشياءُ باقيةٌ أبدًا.

والمهاجر في هذا الحديث هو المهاجر الكامل؛ لأن من هاجر من دار الكفر، وانتقل إلى دار المسلمين، فهو مهاجر، وإن لم يُهاجرْ ما نهى الله تعالى عنه من الذنوب، ولكنه مهاجر غير كامل، ومن هاجر جميع ما نهى الله تعالى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015