ومنه: أن لا يفعل ولا يلقي في الطريق ما يتأذَّى به المارُّ، كحفر حفرةٍ في الطريق، أو إلقاء قشرِ بطيخ، أو التغوط والبول في الطريق، وما أشبهَ ذلك، فإنه لو أمرته نفسه بشيء من هذه الأشياء، ثم لم يفعل ما أمرته نفسه به لله، فيكون هذا من الإيمان أيضًا.

ومنه: دفع الظلم والمضرة عن المسلمين؛ لا يؤذي أحدًا، ولا يترك أحدًا، أن يؤذيَ أحدًا إن قدر.

قوله: "والحياء شعبة من الإيمان"، (الحياء): انقباض النفس، وتركها الشيء الذي يستحي الرجل منه؛ احترازًا من اللوم وغيره.

والحياء نوعان: نفساني، وإيماني.

نعني بالنفساني: الجبلي الذي خلقه الله تعالى في جميع النفوس من الكافر والمسلم، نحو: كشف العورة، ومباشرة الرجل المرأة بين الناس؛ فإن كلَّ أحد يستحي من هذين الشيئين وشبههما.

ونعني بالإيماني: ما يمنع الإيمانُ الشخصَ من فعله، كترك الرجل الزنا، وشرب الخمر، وغير ذلك من الأفعال المحرمة؛ استحياء من الله تعالى، وهذا الحياء ليس جِبِلِّيًا، بل إيماني؛ لأن الكفار ومن إيمانه ناقص من المسلمين قلَّما يستحيون من هذه الأشياء، وهذا القسم من الحياء هو الذي ذكر النبي عليه السلام: أنه من الإيمان في قوله: "والحياء شعبة من الإيمان".

وقال بعض المشايخ: الحياء على وجوه:

أحدها: حياءُ الجناية، كحياء آدم - عليه السلام - لمَّا أكل الشجرة طَفِق - أي: أقبل - يتردَّدُ، ويسعى إلى كلِّ جانب، قال الله تعالى له: أفرارًا مني؟ فقال: لا، بل حياء منك.

والثاني: حياء التقصير، كحياء الملائكة حيثُ قالوا: ما عبدناك حق عبادتك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015