فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ الله تعالى مِنْ رِيْحِ المِسْكِ، والصِّيامُ جُنَّةٌ، فَإذا كانَ يَوْمُ صوْمِ أَحَدِكُمْ؛ فلا يَرْفُثْ، وَلاَ يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي آمْرُؤٌ صائِمٌ".
قوله: "يُضاعَف الحسنةُ بعَشرِ أمثالها"؛ يعني: كلُّ طاعةٍ وخيرٍ إن لم تكن رياءً ونفاقًا أقلُّ ما يُعطَى صاحبُه عشرةُ أمثالها، وقد يُزاد إلى سبع مئة ضعْفٍ.
"الضعْف": المِثْل.
وسبب الزيادة من عشرة أمثالها إلى سبع مئة؛ إما لكمال إخلاص نية المتصدِّق، وإما لشدة استحقاق الفقير، وقد يُزاد الثوابُ عن سبع مئة ضعْفٍ، كما قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261].
قوله: "إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أَجزِي به"؛ يعني: أن سائر الخيرات تطَّلع عليها الملائكة ويكتبونها، إلا الصوم؛ فإنه لا اطِّلاعَ للملائكة عليه؛ لأنه ليس بعملٍ ظاهرٍ، بل هو نيةٌ وتركُ الطعامِ، وهذا مما لا تطَّلع عليه الملائكةُ، لا يجزي الصائمَ بموجب كتاب الملائكة؛ لأنه لا اطِّلاع لهم عليه، بل يجزيه بما يعلمه تعالى، ولأن الصومَ أشدُّ على النفس من سائر العبادات.
ولأنه لا يمكن الصومُ بالرياء والنفاق؛ لأن المرائيَ والمُنافِقَ يُظهرانِ بين الناس عن أنفسهم الصومَ، ويأكلانِ ويشربانِ في الخلوة، فحينَئذٍ لا يكونانِ صائمَينِ حتى يُجزَيا بصومهما، بخلاف الصلاة وسائر العبادات؛ فإنه يمكن فعلُها بين الناس للرياء والنفاق.
قوله: "يَدَع شهوتَه"؛ أي: يترك ما اشتهتْه نفسُه من اللذات والاستمتاعات التي هي لا تجوز للصائم.
قوله: "للصائم فرحتانِ: فرحةٌ عند فِطره، وفرحةٌ عند لقاء ربه"، (الفرحة التي تكون عند فطره) تحتمل أمرين: