يعني: أن الله عليم بهذه الخمس، ولا يعلم واحدًا منها غيرُ الله تعالى، ومن ادعى علم واحد منها، فهو كافر، إلا أن يقول أحد: علَّمني الله وقتَ ولادة فلانة، أو أنها تلد ذكرًا أو أنثى، أو موت فلان وما أشبه ذلك في النوم، أو هتف بي هاتف، أو قال نبي: أوحى لي ربي بشيء من هذه الأشياء، فإن كلَّ ذلك يجوز؛ لأن النبي - عليه السلام - قد أخبر بكثير من علم الغيب، وجاء عن أولياء الله أنهم أخبروا عن موت أنفسهم، أو موت غيرهم.

* * *

2 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بنيَ الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أنْ لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمدًا رسولُ الله، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، والحجِّ، وصَوْمِ رمضان".

قوله: "بني الإسلام"، (بني) ماض مجهول، من بنى يبني بنيًا وبناء، ومعناه معروف.

يعني: جعل هذه الأركان الخمسة أصولًا للإسلام، وما عدا هذه الخمسة من أحكام الشريعة فَرْعًا لها، ومثال الإسلام كقصر، وهذه الأركان الخمسة كالأسطوان لذلك القصر، وما بقي من أحكام الشريعة كجدار سطح ذلك القصر، وكالجُدُرِ التي حواليه، وكتزيينه بأنواع النقوش، فمن حفظ هذه الأركانَ الخمسة وسائرَ أحكام الشريعة يكون قصر إسلامه تامًا كاملًا مزينًا، ومن لم يحفظ هذه الأركان الخمسة، ولم يحفظ سائرَ أركان الشريعة يكون قصر إسلامه بغير جدار سطحه، وبغير جدار حواليه، وأما من ترك ركنًا من هذه الأركان فنبيِّنُ بحثه في الحديث الذي يأتي بعد هذا الحديث، إن شاء الله تعالى.

قوله: "شهادة": يجوز بجرِّ (شهادة) وجرِّ الكلمات التي بعدها على أنها بدلٌ من قوله: (على خمس)، ويجوز برفعها على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015