بالطريق الأولى؛ لأن البنت أخسُّ وأنقص رتبة من الابن، فإذا كانت الأمة بولادة البنت تصيرُ أمَّ ولد، وتصير بنتها سيدةَ الأم، فالابن أولى بهذا الشيء، وكان ذكرُ البنت مغنيًا عن ذكر الابن.

والاحتمال الثالث: أن التاء في (ربتها) إنما كان لتمييز ما يطلق على المخلوقات مما يطلق على الله؛ فإن (الرب) يطلق على الله تعالى، وقد جاء في الحديث: أن العبد لا يقول لسيده: ربي، ولكن ليقل: سيدي، فهذا نَهْي أن يقول أحدٌ لأحد: ربي، ولكن قد جاء: رب المال، ورب الدار، وغير ذلك في الحديث، والأولى أن لا يقال لمخلوق: رب فلان، أو رب ذلك الشيء، بل يقال: صاحب مال، أو مالك ذلك الشيء، فالتاء في (ربتها)؛ لأجل أن لا يقال: (الرب) لمخلوق.

فإن قيل: قد جاء في الحديث الصحيح برواية أبي هريرة: "وأن تلد الأمة ربَّها"، فإذا كان كذلك، فلا يصحُّ على ما قلتَ من الاحتمال الثالث.

قلنا: إن (ربتها) أصح من (ربها)؛ لأن قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أولى بالقبول؛ لأنه كان قد حضر عند سؤال جبريل النبي - عليهما السلام - في الحديث، ولأن من هو مُقدَّم في الخلافة أولى بقَبولِ قوله من غيره، ولأن النبي - عليه السلام - قال: "اقتدوا باللذين من بعدي؛ أبي بكر وعمر"، ولأنا إذ قلنا: ربتها، يكون أولى لأنَّ هذا اللفظ لا يطلق على الله تعالى، ولفظ الرب يطلق على الله تعالى، هذا ما بينا أن رواية (ربتها) أكثر صحة.

ومع ذلك نقول: إنا قد قررنا الاحتمالات الثلاث على قول من روى هذا الحديث بالتاء في (ربتها)، أما من رواه (ربها) بغير تاء، فلا يحتاج إلى تقدير شيء من هذه التأويلات.

قوله: "وأن ترى الحفاة" (الحُفاة): جمع الحافي، و"العُراة": جمع العاري،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015