فَخلُّوا بينَهم وبينَ ما يَبتغُون! فإنْ عَدَلُوا فلأِنفُسِهِمْ، وإنْ ظَلَمُوا فعليها، فأَرْضُوهم، فإنَّ تَمامَ زكاتِكم رِضاهُم، ولْيَدْعوا لكُم".
وفي روايةٍ: "أَرْضُوا مُصَدِّقيكم"، قالوا: وإنْ ظلَمُونا يا رسولَ الله؟، قال: "أرضوا مصَدِّقيكم وإنْ ظُلِمْتُمْ".
"ركبٌ مبغَّضون" أراد بهم: الذين يجمعون الزكاة، يعني: قد يكون بعض العاملين سيئَ الخُلُق متكبرًا، فاصبروا على سوء خلقهم.
(المبغَّض) بفتح الغين وتشديدها: الذي جُعل بغيضًا في قلوب الناس، والبغيض: مَن كرهه الناس، وهو ضدُّ الحبيب، يعني: العاملين الذين لهم خلقٌ سيئٌ يكرههم الناس لسوء خلقهم.
ويجوز: (مُبْغَضون) بسكون الباء، وهو مفعولٌ، من أَبغض الرجل أحدًا: إذا كرهه.
وكِلاَ الوجهين - أعني: تشديد الغين وتخفيفها - ممكنٌ هنا.
قوله: "فرحِّبوا بهم"؛ أي: قولوا لهم: مرحبًا وأهلًا؛ أي: احفظوا عزَّتهم وتعظيمهم.
قوله: "وخلُّوا بينهم وبين ما يبتغون"؛ أي: يطلبون، يعني: كيفما يأخذون الزكاة لا تمنعوهم، وإن ظلموكم؛ لأن مخالفتهم مخالفةُ السلطان؛ لأنهم مأمورون من جهته، ومخالفةُ السلطان غيرُ جائزٍ.
قوله: "فإن عدلوا فلأنفسهم"؛ يعني: إن عَدَلوا في أخذ الزكاة أكثرَ ممَّا وجب وتركوا الظلم، فلهم الثواب.
قوله: "وإن ظلموا فعليها"؛ أي: وإن أخذوا الزكاة أكثرَ ممَّا وجب عليكم فعليها؛ أي: فعلى أنفسهم إثمُ ذلك الظلم، وليس عليكم إثمٌ بظلمهم، بل يكون لكم الثواب بتحمُّل ظلمهم.