والعباد، ثم بدا صدى طبول الحرب التتارية يتردد على حدود السلطنة الوليدة، ولم يكن بوسع السلطان الصبي ((نور الدين علي)) أن يفعل شيئاً إزاء هذا الخطر الداهم، فقد كان يقضي وقته في ركوب الحمير والتنزه في القلعة .. ويلعب بالحمام مع الخدم (?)، ومع كل خبر جديد عن وحشية التتار كانت الأحوال تزداد إضطراباً والقلق يفترس نفوس الناس (?). وتعين على الأمير سيف الدين قطز نائب السلطنة أن يخطو الخطوة الأخيرة نحو العرش من ناحية وتدعيم نفوذه السياسي الداخلي من ناحية أخرى والاستعداد لمواجهة التتار، من ناحية ثالثة (?)،
ومع اقتراب جحافل التتار من الشام أرسل الملك الناصر المؤرخ والفقيه المعروف كمال بن العديم إلى مصر يستنجد بعساكرها وهكذا بدأت الحرب تطل بوجها المرعب، على الساحة السياسية في مصر، وكان النجم الساطع في تلك الساحة هو الأمير ((سيف الدين قطز))، ولما قدم ابن العديم إلى القاهرة، عقد مجلس بالقلعة حضره السلطان الصبي الملك المنصور نور الدين علي، وحضره كبار أهل الرأي من الفقهاء والقضاة، مثل: قاضي القضاة بدر الدين حسن السنجاري، والشيخ عز الدين بن عبد السلام، وكان سيف الدين قطز بين الحاضرين، وسألهم الحاضرون عن أخذ الأموال من الناس لانفاقها على الجنود فأفتى الشيخ عز الدين بفتوته المشهورة التي يأتي تفصيلها عند الحديث عن عين جالوت بإذن الله تعالى، وكان هذا الاجتماع من الأدوات السياسية التي أحسن سيف الدين قطز استغلالها للوصول إلى هدفه النهائي، عرش مصر وقتال التتار، وكان ذلك الاجتماع الذي عقد بحضور السلطان الصبي آخر خطوات قطز صوب عرش مصر وقتال التتار (?). وبينما كان هولاكو يجتاح أقاليم العالم الإسلامي الشرقية كان نجم سيف الدين قطز يزداد سطوعاً وتزداد قامته السياسية طولاً، وكأنه على موعد مع التاريخ لكي ينجز مهمته الكبرى في هزيمة الجحافل التتارية الظالمة، لقد استغل قطز إجتماع القلعة لخلع السلطان الصبي، وأخذ يتحدث عن مساوئ المنصور علي، وقال: لا بد من سلطان قاهر يقاتل هذا العدو، والملك الصبي صغير لا يعرف تدبير الملك (?)،
وساعده على الوصول لهدفه أن مفاسد الملك المنصور علي كانت قد زادت حتى انفض الجميع من حوله واستهتر في اللعب وتحكمت أمه فاضطربت الأمور وجاءت الفرصة تسعى إلى