قال تعالى: "ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم" (الأنفال، آية: 53)، والآيات في هذا كثيرة سواء ما يخص الفرد أو الأمة، بل أن القرآن الكريم ليذكر أن بعض ما يصيب الأمم والأفراد من استدراج حين يمهلهم الله تعالى وتواتيهم الدنيا، وتفتح عليها خيراتها فينسوا مهمتهم وما خلقوا له، بل ينسون المنعم جل جلاله وينسون ما عندهم لجهدهم وذكائهم، وقد يفلسفون الأمر فيقولون: لو لم تكن نستحق هذه النعم لما منحت لنا، وفي هؤلاء يقول الله تعالى: "فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا لهم ابواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين" (الأنعام، آية: 44 ـ 45)، لقد نسى هؤلاء أن الله يمنح خيرات الدنيا لمن يطلبها ويجد فيها، قال تعالى: "ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها" (آل عمران، آية: 45). ولكن هناك من يريد الآخرة بحق ويسعى لذلك فهو الفائز "من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلها مذموماً مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا * وكلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا" (الإسراء، آيات: 18 ـ 20). وقال تعالى: "وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون * ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون" (النحل، آية: 112 ـ 113). ولنستمع لهذه الدعوة الكريمة "ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين" (هود، آية: 52).