المغول في معركة عين جالوت، إن الظلم في الدولة كالمرض في الإنسان يعجل في موته بعد أن يقضي المدة المقدرة له وهو مريض، وبانتهاء هذه المدة يحين أجل موته، فكذلك الظلم في الأمة والدولة، يعجل في هلاكها بما يحدثه فيها من آثار مدمرة تؤدي إلى هلاكها واضمحلالها خلال مدة معينة يعلمها الله هي الأجل المقدر له أي الذي قدره الله بموجب سنته العامة التي وضعها لآجال الأمم بناء على ما يكون فيها من عوامل البقاء كالعدل، أو من عوامل الهلاك، كالظلم الذي يظهر أثرها وهو هلالكها بعد مضي مدة محددة يعلمها الله (?)، فقال تعالى: "ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" الأعراف: الآية، 34، قال الألوسي رحمه الله في تفسير هذه الآية: "ولكل أمة أجل" أي لكل أمة من الأمم الهالكة أجل، أي وقت معين مضروب لاستئصالهم (?)، ولكن هلاك الأمم وإن كان شيئاً مؤكداً ولكن وقت حلوله مجهول لنا، أي أننا نعلم يقيناً أن الأمة الظالمة تهلك حتماً بسبب ظلمها حسب سنة الله تعالى في الظلم والظالمين، ولكننا لانعرف وقت هلالكها بالضبط، فلا يمكن لأحد أن يحدد بالأيام ولا بالسنين وهو محدد عند الله تعالى (?):

"ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائمٌ وحصيد * وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب * وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القُرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد" هود: آية 100 ـ 102.

إن الآية الكريمة تبين أن عذاب الله ليس مقتصراً على من تقدم من الأمم الظالمة، بل إن سنته تعالى في أخذ كل الظالمين سنة واحدة، فلا ينبغي أن يظن أحد أن هذا الهلاك قاصراً بأولئك الظلمة السابقين، لأن الله تعالى لما حكى أحوالهم قال: "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة" هود: آية، 102، فبين الله تعالى أن كل من شارك أولئك المتقدمين في أفعالهم التي أدت إلى هلاكهم فلا بد أن يشاركهم في ذلك الأخذ الأليم الشديد، الآية تحذر من خطورة الظلم، فالدولة الكافرة قد تكون عادلة بمعنى أن حكامها لا يظلمون الناس، والناس أنفسهم لا يتظالمون فيما بينهم، فهذه الدولة مع كفرها تبقى، إذ ليس من سنته هلاك الدولة لكفرها فقط، ولكن إذا انضم إلى كفرها ظلم حكامها للرعية وتظالم الناس فيما بينهم (?)، قال تعالى: "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون" هود: آية، 11، قال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015