أَسْلَمَ فَنَعَمْ، وَإِلَّا فَأَكْرَهُ أَنْ يَضَعَ الْقُرْآنَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. قُلْت: فَيُعَلِّمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَرْهَنُ الْمُصْحَفَ عِنْدَ أَهْلِ الذِّمَّةِ؟ قَالَ: لَا، «نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ، مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ» .
(7701) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ تَصْدِيرُهُمْ فِي الْمَجَالِسِ، وَلَا بَدَاءَتَهُمْ بِالسَّلَامِ؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ، فَاضْطَرُّوهُمْ إلَى أَضْيَقِهَا» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّا غَادُونَ غَدًا، فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، وَإِنْ سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ، فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ» . أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «نُهِينَا، أَوْ أُمِرْنَا، أَنْ لَا نَزِيدَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى وَعَلَيْكُمْ» . قَالَ أَبُو دَاوُد: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلذِّمِّيِّ: كَيْفَ أَصْبَحْت؟ أَوْ كَيْفَ حَالُك؟ أَوْ كَيْفَ أَنْتَ؟ أَوْ نَحْوَ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، هَذَا عِنْدِي أَكْثَرُ مِنْ السَّلَامِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إذَا لَقِيته فِي الطَّرِيقِ، فَلَا تُوسِعْ لَهُ. وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ إنَّهُ كَافِرٌ. فَقَالَ: رُدَّ عَلَى مَا سَلَّمْت عَلَيْك. فَرَدَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَكْثَرَ اللَّهُ مَالَك وَوَلَدَك. ثُمَّ الْتَفَتَ إلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَكْثَرَ لِلْجِزْيَةِ. وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقُلْت نُعَامِلُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، فَنَأْتِيهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَعِنْدَهُمْ قَوْمٌ مُسْلِمُونَ، أُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، تَنْوِي السَّلَامَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَسُئِلَ عَنْ مُصَافَحَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَكَرِهَهُ.
(7702) فَصْلٌ: وَمَا يَذْكُرُ بَعْضُ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تَلْزَمُهُمْ، وَأَنَّ مَعَهُمْ كِتَابًا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْقَاطِهَا عَنْهُمْ، لَا يَصِحُّ. وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ، فَقَالَ: مَا نَقَلَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَذَكَرَ أَنَّهُمْ طُولِبُوا بِذَلِكَ، فَأَخْرَجُوا كِتَابًا ذَكَرُوا أَنَّهُ بِخَطِّ عَلِيٍّ، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ فِيهِ شَهَادَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَتَارِيخُهُ بَعْدَ مَوْتِ سَعْدٍ وَقَبْلَ إسْلَامِ مُعَاوِيَةَ، فَاسْتُدِلَّ بِذَلِكَ عَلَى بُطْلَانِهِ. وَلِأَنَّ قَوْلَهُمْ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَلَمْ يَرْوِ ذَلِكَ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى رِوَايَتِهِ.
(7703) فَصْلٌ: قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَمْتَهِنُونَ عِنْدَ أَخْذِ الْجِزْيَةِ، وَيُطَالُ قِيَامُهُمْ، وَتُجَرُّ أَيْدِيهمْ عِنْدَ أَخْذِهَا. ذَهَبَ إلَى قَوْله تَعَالَى