(7697) فَصْلٌ: وَإِنْ نَقَضَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، جَازَ غَزْوُهُمْ وَقَتْلُهُمْ. وَإِنْ نَقَضَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ اخْتَصَّ حُكْمُ النَّقْضِ بِالنَّاقِضِ دُونَ غَيْرِهِ. وَإِنْ لَمْ يَنْقُضُوا، لَكِنْ خَافَ النَّقْضَ مِنْهُمْ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْبِذَ إلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لَحِقَهُمْ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِمَامَ تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُمْ إلَيْهِ، بِخِلَافِ عَقْدِ الْأَمَانِ وَالْهُدْنَةِ؛ فَإِنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَلِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ مُؤَبَّدٌ، وَهُوَ مُعَاوَضَةٌ، وَلِذَلِكَ إذَا نَقَضَ بَعْضُ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْعَهْدَ، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ، لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهُمْ نَقْضًا، وَفِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ يَكُونُ نَقْضًا.
(7698) فَصْلٌ: وَإِذَا عَقَدَ الذِّمَّةَ، فَعَلَيْهِ حِمَايَتُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِالْعَهْدِ حِفْظَهُمْ، وَلِهَذَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ أَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا، وَدِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا. وَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي وَصِيَّتِهِ لِلْخَلِيفَةِ بَعْدَهُ: وَأُوصِيه بِأَهْلِ ذِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَيُحَاطُ مِنْ وَرَائِهِمْ.
(7699) فَصْلٌ: وَإِذَا تَحَاكَمَ إلَيْنَا مُسْلِمٌ مَعَ ذِمِّيٍّ وَجَبَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا حَفِظَ الذِّمِّيَّ مِنْ ظُلْمِ الْمُسْلِمِ، وَحَفِظَ الْمُسْلِمَ مِنْهُ. وَإِنْ تَحَاكَمَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، أَوْ اسْتَعْدَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، خُيِّرَ الْحَاكِمُ بَيْنَ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] .
فَإِنْ حَكَمَ بَيْنَهُمْ، لَمْ يَحْكُمْ إلَّا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49] . وَإِذَا اسْتَعْدَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا فِي طَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ إيلَاءٍ، فَإِنْ شَاءَ أَعْدَاهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] . فَإِنْ أُحْضِرَ زَوْجُهَا، حُكِمَ عَلَيْهِ بِمَا يُحْكَمُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ قَدْ ظَاهَرَ مِنْهَا، مَنَعَهُ وَطْأَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ، وَتَكْفِيرُهُ بِالْإِطْعَامِ وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَقَبَةَ مُسْلِمٍ، وَلَا يَمْلِكُ شِرَاءَهَا، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ الصِّيَامُ.
(7700) فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ تَمْكِينُهُ مِنْ شِرَاءِ مُصْحَفٍ، وَلَا حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فِقْهٍ، فَإِنْ فَعَلَ، فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ ابْتِذَالَهُ. وَكَرِهَ أَحْمَدُ بَيْعَهُمْ الثِّيَابَ الْمَكْتُوبَ عَلَيْهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: هَلْ تَكْرَهُ لِلرَّجُلِ الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَلِّمَ غُلَامًا مَجُوسِيًّا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: إنْ