ِ الْحَيْضُ: دَمٌ يُرْخِيهِ الرَّحِمُ إذَا بَلَغْت الْمَرْأَةُ، ثُمَّ يَعْتَادُهَا فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ؛ لِحِكْمَةِ تَرْبِيَةِ الْوَلَدِ، فَإِذَا حَمَلَتْ انْصَرَفَ ذَلِكَ الدَّمُ بِإِذْنِ اللَّهِ إلَى تَغْذِيَتِهِ؛ وَلِذَلِكَ لَا تَحِيضُ الْحَامِلُ، فَإِذَا وَضَعْت الْوَلَدَ قَلَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِحِكْمَتِهِ لَبَنًا يَتَغَذَّى بِهِ الطِّفْلُ؛ وَلِذَلِكَ قَلَّمَا تَحِيضُ الْمُرْضِعُ، فَإِذَا خَلَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ حَمْلٍ وَرَضَاعٍ. بَقِيَ ذَلِكَ الدَّمُ لَا مَصْرِفَ لَهُ، فَيَسْتَقِرُّ فِي مَكَان، ثُمَّ يَخْرُجُ فِي الْغَالِبِ فِي كُلِّ شَهْرٍ سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً، وَقَدْ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَقِلُّ، وَيَطُولُ شَهْرُ الْمَرْأَةِ وَيَقْصُرُ، عَلَى حَسَبِ مَا رَكَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الطِّبَاعِ؛ وَسُمِّيَ حَيْضًا مِنْ قَوْلِهِمْ: حَاضَ السَّيْلُ. قَالَ عُمَارَةُ بْنُ عَقِيلٍ:
أَجَالَتْ حَصَاهُنَّ الذَّوَارِي وَحَيَّضَتْ ... عَلَيْهِنَّ حَيْضَاتُ السُّيُولِ الطَّوَاحِمِ
وَقَدْ عَلَّقَ الشَّرْعُ عَلَى الْحَيْضِ أَحْكَامًا؛ فَمِنْهَا أَنَّهُ يَحْرُمُ وَطْءُ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] .
وَمِنْهَا أَنَّهُ يَمْنَعُ فِعْلَ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ؛ بِدَلِيلِ «قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلَيْسَتْ إحْدَاكُنَّ إذَا حَاضَتْ لَا تَصُومُ وَلَا تُصَلِّي» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَتْ حَمْنَةُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً شَدِيدَةً مُنْكَرَةً، قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ» ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يُسْقِطُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ دُونَ الصِّيَامِ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَأَلْت عَائِشَةَ، فَقُلْت: مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ فَقُلْت: لَسْت