ولا انْثَنَى عَزْمي عن بابِكم ... إلَّا تَعَثَرتُ بأذيالي
والاتحادية زعموا أن هذا الكلام على حقيقته، وأن الله هو عين عبده، أو حال فيه، تعالى الله عن ذلك (?).
ومعنى "لأعطينه": ما سأل، وكذا "لأعُيذَنَّه" أي: مِمَّا يخاف؛ لأن التقدير أنه تقرَّب إلى الله فأَحَبَّهُ الله، وهذه حالةُ الحبيب مع المحبوب؛ يعطيه ما سأل، ولا يرد دعاءه، ويُعِيذُه مما استعاذ؛ بل وإن لم يسأل ويستعيذ، لكن الرب جل جلاله يحب لعبده سؤاله بخلاف بني آدم.
الربُ يَغْضَبُ إن تركتَ سؤالَه ... وبُنَي آدم حين يُسألُ يَغْضبُ
والذي يظهر أنه علامة، وأنه لمن يكون الله أحبه أن يكون بالصفة المذكورة؛ فلا يسمع ما لم يأذن له الشَّرع في سماعه، ولا يبصر ولا يمد يدًا ولا يسعى بِرِجْل إلَّا كذلك؛ فهذا هو الأصل، إلَّا أنه قد يغلب على العبد الذِّكْر حتى يُعرَفُ بذلك؛ فإذا خُوطِبَ بغيره لم يَكَن يَسْمَع لمن يخاطبه حتى يتقرَّب إليه بذكر الله، غير أهل ذكر الله توصلًا إلى أن تسمع لهم، وذلك في المبصرات والمتناولات والسعي إليها، وتلك طبقة عالية، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعلنا من أهلها.