وكذا ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصًّا ولا إجماعًا ولا قياسًا جليًّا (?).

وهذا الباب قد ضُيِّع أكثره في أزمان متطاولة، ولم يبق إلَّا الرُّسوم، وهو بابٌ عظيم به قِوامُ الأمر ومِلاكه، وإذا كثُر الخبثُ عمَّ العِقابُ: الصَّالح والطَّالح، وإذا لم يأخذوا على أيدي الظالم أَوْشَكَ أن يعمهم الله بعقاب: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} [النور]. فينبغي للطالب والسَّاعي في رضا الشَّريعةِ أن يعتني بذلك فإن نفعَهُ عامٌّ، ولا يهابُ أحدًا؛ فإن الرب -جل جلاله- وعده بالنصرة حيث قال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحج: 40]، وقال: {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)} [آل عمران]، وقال: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]، وقال: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)} [العنكبوت] والآية بعده، والأجرُ على قدر النَّصب، ولا يُحابي صديقَهُ ولا يُداهنه، بل حقه نصحه.

ولا بأس باستعمال الرِّفق فيه، فالله رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ في الأمر كُلِّهِ، ويُغْلِظُ على المُسْرِف، وما أحسن قول الإمام الشافعي: "مَن وَعَظ أَخاهُ سرًّا، فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015