فإن قُلتَ: لِمَ خَصَّ الإمام دونَ باقي الجِهات السِّتة؟
جوابه: أنَّ الإنسان سائر ومُسافر إلى الآخرة، والمسافر إنما يطلب أمامه لا غير؛ فالمعنى: تجده حيثما توجّهتَ ويمّمتَ وقصدتَ دينًا ودُنْيا.
السادس: قوله: "إذا سألتَ فاسأل اللهَ" هو كقوله تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] أي: وحِّدِ الله في السؤال، فإن خزائن الوجود بيده وأَزمَّتها إليه، لا معطي ولا مانع سواه.
وكذا قوله: "وإذا استعنتَ فاستَعن بالله" أي: وحِّدْهُ في الاستعانة، إذْ لا مُعينَ غيرهُ، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} [الفاتحة: 5] قدَّمَ المفعول ليفيد الاختصاص، وهذا إرشادٌ إلى التَّوكُّل على المولى، وألَّا يتَّخذ ربًّا سِواهُ، وألَّا يتعلق بغيره في جميع أموره ما قَلَّ منها وما جَل؛ فَإِنَّهُ حَسْبُ مَن تَوَكَّلَ عليه، ويا خيبةَ مَن ركَنَ بقلبهِ أو أمله إلى غيرهِ لا إليه؛ فبهِ يَحْصُل الإعراض، {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا} [الفرقان: 3]، وكذا مَن خافَ مِن غيرهِ ولم يُعَوِّل عليه، فقِف على الباب والزَمهُ وأَكْثِر مِنَ السؤال، فلا يبرم من السؤال.
وقد قال تعالى لموسى الكليم -صلوات الله وسلامه عليه-: "يا موسى! سلني في دُعائكَ -وجاء: في صلواتك- حتى في ملح عجينك" (?).