فمعانيها جَمَّةٌ جليلةٌ.

وفي روايةٍ لمُسلِم في كتاب "الفصل للوصل" (?) بعدَ "كلمات": "ينفعُكَ اللهُ بهنَّ" أي: بعلمِهِنَّ، أو بالعَمَل بمقتضاهُنَّ، أو بمجموع ذلك، فهو على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه.

الثانية: معنى "احفظ الله يحفظكَ": احفظهُ بالطَّاعة يحفظكَ بالرِّعاية؛ فإذا أطعته بامتِثالِ أوامِرِه واجتنابِ نَواهيه أحاطَكَ بمُعَقِّباتٍ لهُ: {مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: 11].

ومعنى: "احفظ الله تجده تجاهك" و"أمامك" أي: يراعيك في أحوالك، ولا تكن مخالفًا له فإنَّك تجدهُ تُجاهك في الشَّدَائدِ وفي كُلِّ الأحوال، كما جَرَى للثلاثةِ أصحاب الصَّخرة الثابت في "الصحيح" (?).

وهذا في معنى الذي قبلهُ وتأكيدٌ لهُ، وهو يُشْبِهُ قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40]، {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] أي: اذكروني بالطَّاعة، أذكركُم بالمَغْفِرَةِ والرِّعاية، وهو مِن أبلغ المجاز وأحسنه، إذ الجِهَةُ مُسْتَحيلةٌ في حقِّهِ!! (?) وهذا نحو قوله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194]، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} [البقرة: 153] فالمَعِيَّةُ معنوية لا ظرفية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015