ويجوز أن يكون المُراد ذِكرَ جُمْلَةِ مَا يُؤمران به، لا أَنَّ كُلَّ شخص يؤمر فيه بهؤلاء الأربعة، وقد أسلفنا رواية "وأثره" ويكون ذلك على كلِّ شخصٍ.
تاسعها: قد أسلفنا الكلام على معنى "الجَمْع"؛ أن المَنْيَ يَقَعُ في الرَّحِم حينَ انتزاعه بالقُوَّة الشَّهْوَانيَّة الدافعة متفرقًا، فيجمعه الله في مَحَلِّ الوِلادَة مِن الرَّحِم في هذه المُدة -كَمَا أسْلَفنَا عن ابن مسعود بما فيه: "ثم يكونُ عَلَقَةً في مِثل ذلك" و"ذلك" الأول إشارة إلى المحَل الذي اجتمعتْ فيه النُّطفة وصارت عَلَقةً، و"ذلك" الثاني إِشَارَةً إلى الزَّمان الذي هو الأربعون.
وكذا القول في قوله: "ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يُرسل الملك المُوَكَّل بالرَّحِم فينفُخُ فيه الرُّوح" كما قال في حديث أنس: "إنَّ الله قَدْ وَكَّلَ بالرحِمِ مَلَكًا" (?) وظَاهِرُ هذا السِّياق أنَّ المَلَك عندَ مَجيئه ينفخُ الرُّوحَ في المُضغَةِ وليسَ الأمر كذلك؛ إنما ينفخُ فيها بعدَ أن تتشَكَّل تلكَ المُضْغَة بشكل ابن آدم؛ أي: تَتَصَوَّر بصورته، كما قال تعالى: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} [المؤمنون: 14]، وكَمَا ذَكَرَ في الآيةِ الأُخرى: {مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5]، أي: مُصَوَّرة وغير مُصَوَّرة، أي: السِّقط.
وهذا التخليق والتَّصوير يكون في مُدَّةِ أربعين يومًا وحينئذٍ يُنفخ فيه الرُّوح، وهو المَعْنِيُّ بقوله تعالى {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14] (?).
العاشِر: قدَّر النفخ هنا بعدَ مائة وعشرين يومًا، وصحَّ في حديث آخر بعدَ الأربعين أو اثنين وأربعين يومًا؟!
فيجمَعُ بينهما: بأنَّ ذلكَ راجِعٌ إلى اختلاف الأَجِنَّة، أو بأن المَلَك ملازمة