فصل [13 - إذا اختلط اللبن بما لم يستهلك فيه]:
وإنما قلنا: إنه يحرم وإن اختلط بما لم يستهلك فيه لأن الغلبة للبن، ولأن الغذاء يحصل به، فأما إذا استهلك فيما خالطه من ماء أو مائع أو دواء أو طعام، فعند ابن القاسم أن التحريم لا يقع به وهو قول أبي حنيفة (?)، وعند ابن حبيب وذكره عن جماعة من أصحابنا أنه يحرم وهو قول الشافعي (?).
فوجه قول ابن القاسم أن استهلاكه يبطل حكمه بدليل أن الحالف لا يشرب لبنًا لا يحنث لشربه، ولأن تعليق التحريم باللبن كتعليق وجوب الحد بشرب الخمر ثم قد ثبت أن النقطة من الخمر إذا استهلكت في الماء بأنه لا يتعلق بشربه حد فكذلك اللبن.
ووجه قول ابن حبيب أن اختلاط اللبن بغيره لا ينفى حكمه كما لو لم يستهلك فيه، ولأن الغذاء يحصل للطفل بالمختلط كله.
فصل [14 - تحريم تزوج المرضعة بمن أرضعته]:
وإنما قلنا: إنه يحرم على المرضعة التزوج بمن أرضعته وعلى من له اللبن أن يتزوج الأنثى التي أرضعت (?) من لبنه لقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} (?)، وقوله تعالى: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (?)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة" (?)، فإذا أرضعت المرأة صبيًّا حرمت هي عليه وكل من ولدته قبل الذي ارتضع من لبنها أو بعده لأنهن أخواته، وتحرم عليه أخت المرضعة لأنها خالته، وأخت الزوج الذي