والجناية الطارئة بعد الضمان لا حكم لها أصله إذا كانت من قبل الله تعالى؛ لأن الجناية على النفس آكد وأغلظ من الجناية على الأطراف وقد ثبت أن الغاصب لو قتلها لم يلزمه زيادة على قيمتها يوم الغصب ففي الجناية على الأطراف أولى.
مسألة [10 - إذا لم ينتفع بما غصبه من دار أو عبد أو ثوب ..]:
إذا غصب دارا أو عبدا أو دابة أو ثوبًا فلم ينتفع به بسكنى ولا بركوب أو استخدام أو لبس أو غير ذلك ولا بإكراء ولا أغله فلا شيء عليه ولا يطالب بأجرة المدة التي بقيت غصبا في يده (?)، وقال الشافعي: تلزمه أجرة المثل للمدة التي قامت في يده (?)، ودليلنا أنها منافع لم تستوف من المغصوب فلم يضمنها الغاصب أصله منافع البضع وهو أن يحبس حرة لا يمكنها التزويج وأخذ بدل بضعها حتى مضت مدة من الزمان فإنه لا يضمن مهر مثلها, ولأنها منافع تلفت في يد الغاصب من غير أن ينتفع بها أو يأخذ لها بد لا فلم يضمنها كبضع الأمة.
فصل [11 - إذا انتفع الغاصب بالمغصوب بنفسه أو بغيره]:
فأما إذا انتفع الغاصب بالمغصوب إما بنفسه مثل أن يسكن الدار أو يركب الدابة أو يستخدم العبد أو يزرع الأرض، أو بأن يؤاجر ذلك يأخذ غلته فقد اختلف فيه: ففرق (?) ابن القاسم بين العقار وبين الحيوان فقال في الربع إن سكنه بنفسه أو زرع الأرض لزمه أجرة المثل، وإن كان أكراهًا من غيره (?) لزم غرم ما أكراها به إن كان بقدر أجرة المثل وإن كان دون ذلك لزمه تمام الأجرة، وفي الدواب والرقيق لا رجوع للمالك على الغاصب لا فيما انتفع به بنفسه ولا فيما أكراه واغتله، وقيل لا فرق بين ذلك كله ويرجع المالك عليه بكراء وغلة ما اغتله ولا يرجع عليه بما ركب بنفسه أو استخدم، وقيل عن مالك (?) إن المالك لا يرجع بشيء أصلًا لا من أجرة ولا من كراء لا فيما انتفع الغاصب بنفسه ولا فيما