والغاصب هو المتعدي فكان أولى بالحمل عليه لقوله تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} (?)، ولأن المعتدى عليه غير في الأصول لأنه مجنى عليه في ماله (?) فله أن يقول لا آخذها كسيرة وقد غصبت مني صحيحة، فإذا ثبت أنه غير بأن كان أخذها ناقصة فينظر: فإن كان ما حدث بها من النقص بأمر من الله تعالى (?) لا بفعل من الغاصب فليس للمالك إلا أخذها بغير أرش أو إسلامها وأخذ الغاصب بقيمتها يوم الغصب، وإنما قلنا ذلك لأن الغاصب كان ضامنًا لها يوم الغصب (?) فلم يكن لما حدث من العيب فيها حكم في الضمان لأنه على أصل مضمون فإذا اختار المالك أخذها فقد رضي بعيبها لأنه لو لم يرض به لكان يسلمها ويرجع بالقيمة، فإذا قال أريد الأرش لم يكن له ذلك لأن الغاصب لم يكن ضامنًا لما حدث بانفراده وإنما كان ضامنًا له بضمان الجملة وأبعاضها متابعة لها.
فصل [9 - إذا كانت الجناية على المغصوب بفعل الغاصب]:
فأما إن كانت الجناية بفعل الغاصب مثل أن يقطع يدها أو يفقأ عينها واختار أخذها فهل يجب له أخذ أرش النقص فيه خلاف (?): قال ابن القاسم: له ذلك، وقال سحنون وابن المواز ليس له إلا أخذها ناقصة بغير أرش أو إسلامها والرجوع بالقيمة يوم الغصب، وجه قول ابن القاسم إنه جناية على ملك كالمبتدأة، ولأن المالك متعدى عليه بشيئين بالغصب (وبالجناية فله أخذ الغاصب بأيهما شاء) (?)، ووجه قول سحنون وابن المواز إنه ضامن لقيمتها بالغصب،