قال الشيخ: وكما فُهِم عن الشريعة معنى تحديد النصاب فُهِم أيضاً أن ضرب الحول في العين والماشية عدل بين أرباب الأموال والمساكين، لأنه أمَدٌ الغالب حصول النماء فيه ولا يجحف بالمساكين الصبر إليه. ولهذا المعنى لم يكن في الثمر والحب حول لأن الغرض المقصود منه النماء والنماء يحصل عند حصوله.

ولهذه المعاني المفهومة حصل من العلماء الاتفاق على أن الزكاة لا تجب على الإِطلاق بل يتوقف وجوبها على شروط معتبرة بحال المالك والملك والمملوك.

فإن كان المالك صبيًّا فالزكاة عندنا واجبة في ماله. وأبو حنيفة لا يوجب في مال الصبي زكاة. وحجتنا قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (?) فعمّ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرتُ أن آخذها من أغنيائكم". وغير ذلك من العمومات. وتناقض أبو حنيفة بإيجابه الأخذ من مال الصبي في الحرث. ويحتج هو بقول الله تعالى: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (?) والصبي غير مأثوم فلا يحتاج إلى تطهير. ويحتج أيضاً بأن الصبي غير مكلف فلا يتوجه الخطاب عليه. قلنا: الخطاب عندنا متوجه إلى مَن يَلِي مال الصبي بأن يخرج منه لا أن الصبي هو المخاطب به.

ووجه الخلاف بيننا وبينه من جهة المعنى أن هذا فرع بين أصلين:

أحدهما: نفقة الوالدين وهي واجبة في ماله باتفاقه.

والثانى: الجزية فإنها ساقطة عن الصغير الذّمّي باتفاق، فيَرُدّ ذلك أبو حنيفة إلى الجزية من جهة أنها شبيهة بما يؤخذ من الزكاة، ونرده نحن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015