بِالْحَدِيثِ مُتَّقِيًا لِشُبَهِ النَّاسِ لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا أَنْ يُسْأَلَ فَيُجِيبَ وَيَسْكُتَ، لَهُ عَقْلٌ سَدِيدٌ. وَالْهَيْثَمُ كَانَ أَحْفَظَهُمْ، وَأَبُو سَلَمَةَ كَانَ مِنْ أَبْصَرِ النَّاسِ بِأَيَّامِ النَّاسِ لَا تَسْأَلُهُ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا جَاءَكَ بِمَعْرِفَتِهِ وَكَانَ يَتَفَقَّهُ» [1] .
«سَمِعْتُ علي بن المديني يقول: قال محمد بن خازم [2] : كُنْتُ أَقْرَأُ حَدِيثَ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ [3] عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هَارُونَ فَكُلَّمَا قُلْتُ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عَلَى سَيِّدِي وَمَوْلَايَ. حَتَّى ذَكَرْتُ «التَقَى آدَمُ وَمُوسَى» قَالَ: وَقَالَ عَمُّهُ- سَمَاهُ عَلِيٌّ فَذَهَبَ عَلِيٌّ- فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَيْنَ التَقَيَا؟ قَالَ: فَغَضِبَ هَارُونُ وَقَالَ: مَنْ طَرَحَ إِلَيْكَ هَذَا، وأمر به. قال: فحبس، وَوَكَّلَ بِي مِنْ حَشَمِهِ مَنْ أَدْخَلَنِي عَلَيْهِ فِي مَحْبِسِهِ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا شَيْءٌ خَطَرَ بِبَالِي، وَحَلَفَ لِي بالعتق وصدقة المال وغير ذلك (51 ب) مِنْ مُغَلَّظَاتِ الْأَيْمَانِ، مَا سَمِعْتُ مِنْ أَحَدٍ وَلَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ فِي هَذَا كَلَامٌ، وَمَا هُوَ إِلَّا شَيْءٌ خَطَرَ عَلَى بَالِي. قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كَلَّمْتُهُ، قَالَ: لِيَدُلَّنِي عَلَى مَنْ طَرَحَ إِلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ حلف بالعتق وبمغلظات الْأَيْمَانِ إِنَّهُ إِنَّمَا شَيْءٌ خَطَرَ عَلَى بَالِي لَمْ يَجْرِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ فِيهِ كَلَامٌ. قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ فَأُطْلِقَ مِنَ الْحَبْسِ. وَقَالَ لي: يا محمد ويحك