اقرأ يا مزاحم. قال: وفد جِيءَ بِسَفَطٍ قَبْلَ ذَلِكَ- أَوْ قَالَ جَوْنَةٌ- فِيهَا تِلْكَ الْكُتُبُ قَالَ: وَقَرَأَ مُزَاحِمٌ كِتَابًا مِنْهَا فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ نَاوَلَهُ عُمَرُ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى الْمِنْبَرِ وَفِي يَدِهِ جَامٌ، قَالَ: فَجَعَلَ يَقُصُّهُ بِالْجَامِ [1] وَاسْتَأْنَفَ مُزَاحِمٌ كِتَابًا آخر فجعل يقرأه، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ دَفَعَهُ إِلَى عُمَرَ فَقَصَّهُ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ كِتَابًا آخَرَ فَمَا زَالَ كَذَلِكَ حَتَّى نُودِيَ بِصَلَاةِ الظُّهْرِ [2] .
حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُنْفِذَ رَأْيَكَ فِي هذا الأمر، فو الله مَا كُنْتُ أُبَالِي أَنْ تَغْلِيَ بِي وَبِكَ الْقُدُورُ في نفاذ هذا الأمر.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرُوضُ النَّاسَ رِيَاضَةَ الصَّعْبِ، فَإِنِ اللَّهُ أَبْقَانِي مَضَيْتُ لِنِيَّتِي ورأيي، وان عجلت على منيتي فقد عِلْمُ اللَّهِ نِيَّتِي، إِنِّي أَخَافُ إِنْ بَادَهْتُ النَّاسَ بِالَّتِي تَقُولُ أَنْ يُلْجِئُونِي إِلَى السَّيْفِ، وَلَا خَيْرَ فِي خَيْرٍ لَا يَجِيءُ إِلَّا بِالسَّيْفِ، وَلَا خَيْرَ فِي خَيْرٍ لَا يَجِيءُ إِلَّا بِالسَّيْفِ.
وَجَعَلَ يُرَدِّدُهَا مِرَارًا [3] .
حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ أَخْبَرَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ قَالَ: لَمَّا مَاتَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ صَفَّقَ أَهْلُ الشَّامِ. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَمُزَاحِمٌ إِلَى نَفَقَةٍ كَانَتْ لِعُمَرَ فِي رَحْلِهِ فَحَمَلْتُهَا [4] ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ أُرِيدُ الْمَسْجِدَ. قَالَ: فَلَقِيَنِي رَجُلٌ فَقَالَ: هَذَا صَاحِبُكَ يَخْطُبُ النَّاسَ. فَقُلْتُ:
خَلِيفَةٌ؟ قَالَ: خَلِيفَةٌ. فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهَا اللَّهَ فِي سِرٍّ وَلَا عَلَانِيَةٍ قَطُّ، فَمَنْ