هَذِهِ السَّاعَةَ هَلْ حَدَثَ مِنْ حَدَثٍ؟ قَالَ: نَعَمْ أَشَدُّ الْحَدَثِ عَلَيْكَ وَعَلَى أَبِيكَ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: دَعَانِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَذَكَرَ لَهُ مَا قَالَ عُمَرُ.
فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَمَا قُلْتَ لَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَدْرِي كَمْ وَلَدُكَ؟ هُمْ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَمَا قَالَ لَكَ: قَالَ: جَعَلَ يَسْتَدْمِعُ وَيَقُولُ:
أَكِلُهُمْ إِلَى اللَّهِ أَكِلُهُمْ إِلَى اللَّهِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: بِئْسَ وَزِيرُ الدِّينِ أَنْتَ يَا مُزَاحِمُ. ثُمَّ وَثَبَ فَانْطَلَقَ إِلَى بَابِ عُمَرَ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَقَالَ الْآذِنُ:
إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ وَضَعَ رَأْسَهُ لِلْقَائِلَةِ. قَالَ: اسْتَأْذِنْ لِي. قَالَ الْآذِنُ:
أَمَا تَرْحَمُونَهُ لَيْسَ لَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِلَّا هَذِهِ الْوَقْعَةُ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ:
اسْتَأْذِنْ لِي لَا أُمَّ لَكَ. فَسَمِعَ عُمَرُ الْكَلَامَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عَبْدُ الْمَلِكِ. قَالَ: ائْذَنْ لَهُ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَقَدِ اضْطَجَعَ عُمَرُ لِلْقَائِلَةِ.
فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ تَأْتِي هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: حَدِيثٌ حَدَّثَنِيهِ مُزَاحِمٌ. قَالَ:
فَأَيْنَ وَقَعَ رَأْيُكَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَقَعَ رَأْيِي عَلَى إِنْفَاذِهِ. قَالَ: فَرَفَعَ عُمَرُ يَدَهُ وَقَالَ: الْحَمْدُ للَّه الَّذِي جَعَلَ لِي مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يُعِينُنِي عَلَى أَمْرِ دِينِي. نَعَمْ يَا بُنَيَّ أُصَلِّي الظُّهْرَ ثُمَّ أَصْعَدُ الْمِنْبَرَ فَأَرُدُّهَا عَلَانِيَةً عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَكَ بِالظُّهْرِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ لَكَ إِنْ بَقِيتَ إِلَى الظُّهْرِ أَنْ تَسْلَمَ لَكَ نِيَّتُكَ إِلَى الظُّهْرِ؟ قَالَ:
فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ تَفَرَّقَ النَّاسُ وَرَجَعُوا لِلْقَائِلَةِ. فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: تَأْمُرُ مُنَادِيَكَ فَيُنَادِي الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَتَجَمَّعَ النَّاسُ. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَخَرَجْتُ فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ، وَجَاءَ عُمَرُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ قَدْ كَانُوا أَعْطَوْنَا عَطَايَا، وَاللَّهِ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يُعْطُونَاهَا، وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نقبلها، وأرى الَّذِي قد صار إلي ليس علي فيه دون الله محاسب، ألا وإني قد رددتها وبدأت بنفسي وأهل بيتي،