آخِرَ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا- فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ لَمْ تُخْلَقُوا عَبَثًا، وَلَنْ تُتْرَكُوا سُدًى، وَإِنَّ لَكُمْ مَعَادًا يَنْزِلُ اللَّهُ لِيَحْكُمَ فِيكُمْ، وَيَفْصِلَ بَيْنَكُمْ، وَخَابَ وَخَسِرَ مَنْ خَرَجَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وَحُرِمَ جَنَّةً عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنْ لَا يُؤَمَّنَ غَدًا إِلَّا مَنْ حَذَرَ اللَّهَ الْيَوْمَ وَخَافَهُ، وَبَاعَ نَافِدًا بِبَاقٍ، وَقَلِيلًا بِكَثِيرٍ، وَخَوْفًا بِأَمَانٍ، أَلَا تَرَوْنَ أَنَّكُمْ فِي أَسْلَابِ [1] الْهَالِكِينَ وَسَتَصِيرُ مِنْ بَعْدِكُمْ لِلْبَاقِينَ، وَكَذَلِكَ حَتَّى تُرَدُّونَ إِلَى خَيْرِ الْوَارِثِينَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ تُشَيِّعُونَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى اللَّهِ غَادِيًا وَرَائِحًا [2] قَدِ انْقَضَى [3] نَحْبُهُ وَانْقَضَى أَجَلُهُ حَتَّى تُغَيِّبُوهُ فِي صَدْعٍ مِنَ الْأَرْضِ فِي شِقِّ صَدْعٍ، ثُمَّ تَتْرُكُوهُ غَيْرَ مُمَهَّدٍ وَلَا مُوَسَّدٍ، قَدْ فَارَقَ الْأَحْبَابَ، وَبَاشَرَ التُّرَابَ وَوُجِّهَ لِلْحِسَابِ، مُرْتَهَنًا بِمَا عَمِلَ [غَنِيًّا] [4] عَمَّا تَرَكَ، فَقِيرًا إِلَى مَا قَدِمَ، فَاتَّقُوا اللَّهَ قَبْلَ مُوَافَاتِهِ وَحُلُولِ الْمَوْتِ بِكُمْ، وَأَيْمُ [5] اللَّهِ إِنِّي لَأَقُولُ هَذَا وَمَا أَعْلَمُ أَنَّ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الذُّنُوبِ أَكْثَرَ مِمَّا عِنْدِي، فَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ. وَمَا مِنْكُمْ أَحَدٌ يُبَلِّغُنَا حَاجَةً لَا يَسَعُ لَهُ مَا عِنْدَنَا إِلَّا حَرَصْنَا أَنْ نَسُدَّ مِنْ حَاجَتِهِ مَا اسْتَطَعْنَا، وَمَا منكم من أحد يعنّى حَاجَةً لَا يَسَعُ لَهُ مَا عِنْدَنَا إِلَّا تَمَنَّيْتُ أَنْ يَبْدَأَ بِي وَبِخَاصَّتِي [6] حَتَّى يَكُونَ عَيْشُنَا وَعَيْشُهُ عَيْشًا وَاحِدًا وَأَيْمُ [7] اللَّهِ لَوْ أَرَدْتُ غَيْرَ هَذَا مِنْ غَضَارَةِ عَيْشٍ لَكَانَ اللسان به ذلولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015