حَدَّثَنَا ابْنُ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ شَهِدَ وَفَاةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَمَرَّ بِعِبَادِيٍّ أَوْ نِبْطِيٍّ- وَهُوَ يُثِيرُ عَلَى ثَوْرَيْنِ لَهُ- فَقَامَ حِينَ مَرَرْتُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْعِبَادِيُّ أَوِ النِّبْطِيُّ:

مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ أَشَهِدْتَ وَفَاةَ هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: قُلْتُ نَعَمْ. فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ وَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: تَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَى دِينِكَ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَا أَبْكِي مَلِيكَكُمْ [1] وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى نُورٍ كَانَ فِي الْأَرْضِ فَطُفِئَ.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زُكَيْرٍ «أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ [2] : أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَغَازِي الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ. قَالَ: فَبَكَى عُمَرُ بُكَاءً شَدِيدًا. قَالَ: فَقَالَ مالك: ان عمر ابن عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَمَعَهُ مُزَاحِمٌ وَرَجُلٌ يُقَالُ لَهُ ابْنُ مَافِنَةَ.

قَالَ: فَدَخَلَ عُمَرُ بَيْتَهُ، ثُمَّ قَالَ لِمُزَاحِمٍ: ائْذَنْ لِابْنِ مَافِنَةَ. قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا بِمَائِدَةٍ عَلَيْهَا صَحْفَةٌ مُخَمَّرَةٌ بِمِنْدِيلٍ وَعُمَرُ قَائِمٌ يَرْكَعُ. قَالَ: فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ فَجَلَسَ، فَاجْتَبَذَ الْمَائِدَةَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لِي: كل، أين عيشنا اليوم من عيشنا إذا كُنَّا بِمِصْرَ. قَالَ: فَقُلْتُ لِأَيِّ شَيْءٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَكُنَّا لَوْ ضَافَنِي أَهْلُ قَرْيَةٍ لَوَجَدْتُ مَا يَعُمُّهُمْ. ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ عَيْشُنَا هَذَا مِنْ عَيْشِنَا بِالْمَدِينَةِ.

ثُمَّ اسْتَبْكَى. قَالَ: فَنَادَاهُ مُزَاحِمٌ أَنْ قُمْ. قَالَ: فَقُمْتُ. قَالَ: فَأَخْبَرَنِي مِنَ الْغَدِ أَنَّهُ إِذَا أَصَابَهُ مِثْلُ هَذَا لَمْ يَعُدْ إِلَى طَعَامِهِ. قَالَ مَالَكَ وَهَذَا يُعْجِبُنِي مِنْ فعل عمر أن يخدم الإنسان نفسه» [3] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015