14954 - حدثنا أحمدُ بن عبد الوهاب بن نجدةَ الحَوطيُّ، قال: دثنا أبي. -[318]-
ودثنا أحمدُ بن عليٍّ الأبّارُ البغداذيُّ (?) ، قال: دثنا محمدُ بن أبي السَّرِيِّ؛ قالا: دثنا الوليدُ بن مسلمٍ، قال: دثنا محمدُ بن حمزةَ بن يوسفَ بن عبدِالله بن سلامٍ (?) ، عن أبيه، عن جَدِّه عبدِالله بن سلامٍ، قال: إنّ اللهَ لما أراد هُدَى زيدِ بن سَعْنةَ، قال زيدُ بن سَعْنةَ: ما من علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلا وقد [عرفتُها] (?) في وجهِ محمدٍ حين نظرتُ إليه، إلا [اثْنَنَيْنِ] (?) لم أَخْبُرْهما منه: يَسبقُ حِلمُهُ جهلَهُ، ولا يَزيدُه (?) شدةُ الجهلِ عليه إلا حِلمًا، فكنتُ أُلطِّفُ له إلى أن أخالطَهُ، فأعرف حِلمَهُ من جهلِهِ. -[319]-
قال زيدُ بن سَعْنةَ: فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يومًا من الحُجُراتِ، ومعه عليُّ بن أبي طالبٍ، فأتاه رجلٌ على راحلتِهِ كالبدويِّ، / فقال: [ظ: 218/ب]
يا رسولَ الله! إن بقُربي قريةَ بني فلانٍ (?) ، قد أسلموا ودخلوا في الإسلامِ، وكنتُ حدّثتُهم إن أسلموا أتاهم الرزقُ رَغَدًا، وقد أصابتْهم سنةٌ وشدةٌ وقُحوطٌ من الغَيْثِ، فأنا أخشى- يا رسولَ الله- أن يخرجوا من الإسلامِ طَمَعًا، كما دخلوا فيه طَمَعًا، فإن رأيتَ أن تُرسلَ إليهم بشيءٍ تُُعينُهم به، فعلتَ. فنظر إلى رجلٍ إلى جانبِه- أُراه عليًّا- فقال: يا رسولَ الله ما بقي منه شيءٌ. قال زيدُ بن سَعْنةَ: فدنوتُ إليه، فقلتُ: يا محمدُ، هل لك أن تَبيعني تمرًا معلومًا في حائطِ بني فلانٍ إلى أجلِ كذا وكذا؟ فقال: «لاَ يَا يَهُودِيُّ، وَلَكِنْ أَبِيعُكَ تَمْرًا مَعْلُومًا إِلَى أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، وَلاَ نُسَمِّي حَائِطَ بَنِي فُلاَنٍ» ، قلتُ: نعم، فبايَعَني فأَطْلقتُ هِمْياني (?) ، فأعطيتُه ثمانين مثقالاً من ذهبٍ في تمرٍ معلومٍ إلى أجلِ كذا وكذا، فأعطاها الرجلَ، وقال: «اِعْدِلْ عَلَيْهِمْ، وَأَعِنْهُمْ بِهَا» .
قال زيدُ بن سَعْنةَ: فلما كان قبلَ محلِّ الأجلِ بيومين أو ثلاثٍ (?) ، خرج رسولُ الله ومعه أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ في نفرٍ من -[320]- أصحابِهِ، فلما صلَّى على الجنازةِ ودنا من جدارٍ ليجلسَ أتيتُهُ، فأخذتُ بمجامعِ قميصِهِ وردائِهِ، ونظرتُ إليه بوجهٍ غليظٍ، فقلتُ له: أَلاَ تَقضيني يا محمدُ حقِّي؟ فو اللهِ ما علمتُكم- بني عبد المطلبِ- لَمُطْلٌ، ولقد كان لي بمخالطتِكم علمٌ، ونظرتُ إلى عمرَ وإذا عيناه تدوران في وجهِهِ كالفَلَكِ المستديرِ، ثم رماني ببصرِهِ، فقال: يا عدوَّ الله، أتقولُ لرسولِ الله ما أسمعُ، وتصنعُ به ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحقِّ، لولا ما أحاذرُ فوتَهُ لضربتُ بسيفي رأسَكَ! ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم ينظرُ إلى عمرَ بسكونٍ وتُؤَدةٍ، وتبسَّم، ثم قال: «يَا عُمَرُ، أَنَا وَهُوَ كُنَّا أَحْوَجَ إِلَى غَيْرِ هَذَا؛ أَنْ تَأْمُرَنِي بِحُسْنِ الأَدَاءِ، وَتَأْمُرَهُ بِحُسْنِ اتِّبَاعِهِ، اذْهَبْ بِهِ يَا عُمَرُ فَأَعْطِهِ حَقَّهُ، وَزِدْهُ عِشْرِينَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ مَكَانَ مَا رُعْتَهُ» .
قال زيدٌ: فذهب بي عمرُ فأعطاني حقِّي وزادني عشرين صاعًا من تمرٍ، فقلتُ: ما هذه الزيادةُ يا عمرُ؟ قال: أمرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن -[321]- أزيدَكَ مكانَ ما رُعْتُكَ. قال: وتعرفُني يا عمرُ؟ قال: / لا، فما دعاك (?) [ظ: 219/أ]
أن فعلتَ برسولِ الله ما فعلتَ وقلتَ له ما قلت؟ قلتُ: يا عمرُ، لم يكن من علاماتِ النبوةِ شيءٌ إلا وقد عرفتُ (?) في وجهِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم حين نظرتُ إليه، إلا [اثْنَتَيْنِ] (?) لم أَخبُرْهما منه: يسبقُ حلمُهُ جهلَهُ، ولا يَزيدُه بِشدَّةِ الجهلِ عليه إلا (?) حِلمًا، فقد اخْتَبَرْتُهما، فأُشهدُكَ يا عمرُ أني قد رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا، وأُشهدُكَ أنَّ شطرَ مالي-[فَإِنِّي] (?) أكثرُها (?) مالاً- صدقةٌ على أمةِ محمدٍ. قال عمرُ: أو على بعضِهم؛ فإنك لا تسعُهم. قلتُ: أو على بعضِهم.
فرجع عمرُ وزيدٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال زيدٌ: أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُهُ. -[322]-
وآمن به، وصدَّقه، وتابعَه، وشهد معه مشاهدَ كثيرةً، ثم تُوفِّي في غزوةِ تبوكَ مُقبلاً غيرَ مُدْبِرٍ (?) . رحم اللهُ زيدًا.