وما كانت تلك هي المرَّة الأخيرة، بل كانت نُصرةً للشيخ مراتٍ أُخر، حتى كانت كلمة الفصل؛ من ذوي القرار –بسعي الشيخ شقرة- أن الشيخ الألباني يجب أن يبقى، فكان الأردن مُستقرَّ الشيخ مُكْرَماً بها إلى أن جاءته المنيَّة -رحمه الله- فيها، ودُفن فيها.

وهذا غيضٌ من فيضٍ مما بذله» الشيخ «للدعوة ولحامليها، التي أصبح منهم من يقف في الحلقات مُدَرساً، ومُنافِحاً عن السُّنة، وداعياً إلى نَبْذِ البدع، وتوضيح النهج، وأصبح التيار الإسلامي العام يحسب في ميزانه التيار السلفي، وما كان ذلك إلا بفضلٍ من الله يسَّره على يدي الشيخ شقرة بجهاده وصبره.

وكان من أولئك الذين أبصرت أعينهم النور، ولمَّا يكن لهم في العلم نصيبٌ أو مَوْرِدٌ؛ "كَتَبَة الأصالة" اليومَ، فقد لُفُّوا بلفائف أُمهاتهم " والشيخ " يَكْدَح في تأسيس الدعوة ونشرها، فلما شَبُّوا إذا بهم يسمعون بأن هناك منهجاً يُسَمَّى منهج السلف، فإذا بهم في العقد الثاني من أعمارهم، فبدأوا يطلبون هذا العلم تَلَقُّطاً من هنا وهناك، حتى إذا ظنُّوا أنهم قد فهموا؛ إذا بهم بالتأليف والتحقيق قد بدأوا، وهم في كل هذا حول الشيخ شقرة يلوذون به، ويتحامون به، وهو يدافع عنهم، ويجمعهم، ويوكِّل بعضهم عنه في محاضرات، ومناظرات وما كان لهم من نداءٍ له إلا، "يا شيخنا"، "أُستاذنا"، "معلمنا"، "والدنا".

نُفِخوا بالكبر، وحَسِبوا أنهم قد ساوَوا» الشيخ «في مكانته، وسَامَتُوه، وأنه -وهذا لسان حالهم حينها، ومقالهم اليوم الذي أبانوا فيه عن أثر المعروف وحقيقته في نفوسهم- لا فضل " للشيخ " عليهم، بل ولا على الدعوة، ولا على الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.

فلما رأى الشيخ شقرة أمراً خالف فيه ما كان يراه من قبلُ، ولم يكن هذا مما بَصَمَه الكَتَبَةُ، فهم-والله- ليسوا ممن يُقال فيهم خُولِفوا أو وُوفِقُوا، ولكن " الشيخ " وافق فيه أئمةً أعلاماً، وخالف فيه أَئمةً أعلاماً، فإذا بهم يُظهرون ما أكَنُّوه في صدورهم، وأبانوا عُوار قلوبهم، وبدأوا يهاجمون " الشيخ " في دروسهم، وأشرطتهم، ويوغرون صدور الناس عليه أنَّى استطاعوا وأين استطاعوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015